عن سعيد بن المسيب أخبرني جبير بن مطعم (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: له أنا وبنو المطلب لا نفترق في جاهلية ولا اسلام وإنما نحن وهم شئ واحد وشبك بين أصابعه) فان قيل: قد صح قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كل معروف صدقة) فان أخذتم بظاهر هذا الخبر فامنعوهم من كل بر، وهذا ما لا يقوله أحد ولا أنتم والا فلا تمنعوهم الا ما اتفق عليه انه لا يحل لهم وهو صدقة الفرض فقط قلنا قوله عليه الصلاة والسلام: (كل معروف صدقة) قد خصه عطاؤه لبني هاشم كالبعير الذي أعطى عليا من النفل من الخمس ومن المغنم وسائر هباته عليه الصلاة والسلام لهم، فوجب خروج ذلك بدليله ووجدنا كل معروف وإن كان يقع عليه اسم صدقة فله اسم آخر يخصه كالقرض. والهبة. والهدية. والإباحة. والحمالة. والضيافة والمنحة وسائر أسماء وجوه البر، ووجدنا الصدقة التطوع ليس لها اسم غير الصدقة وقد صح أن الصدقة محرمة على آل محمد صلى الله عليه وسلم ومواليهم فوجب ضرورة أن تكون الصدقة التطوع حراما عليهم لأنها هي الصدقة التي لا اسم لها غير الصدقة ولا خلاف في تحريم الصدقة المفروضة عليهم وهي الزكاة فان قيل: فقد رويتم من طريق أبى داود نا محمد بن عبيد المحاربي نا محمد بن فضيل عن الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن كريب مولى ابن عباس عن ابن عباس قال: (بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم في إبل أعطاه إياها من الصدقة) قلنا: هذا صحيح ولا يخلو من أحد وجهين، أحدهما وهو ظاهر الخبر ان ابن عباس هو المعطى لتلك الإبل من صدقة لازمة له فبعثه عليه الصلاة والسلام فيها إلى حيث يجمع إبل الصدقة، والثاني انه حتى لو صح انه عليه الصلاة والسلام هو أعطى تلك الإبل لابن عباس وليس ذلك في الخبر لكان ذلك منسوخا بتحريم الصدقة عليهم لان تحريم الصدقة عليهم هو الرافع لمعهود الأصل وللحال الأول بلا شك من إباحة الصدقة لهم كسائر الناس، ومن ادعى عود المنسوخ ناسخا فقد كذب الا أن يشهد له نص بين بذلك، وأما الغنى فقد روينا من طريق يحيى بن سعيد القطان عن هشام بن عروة عن أبيه عن عدى بن الخيار أن رجلين حدثاه أنهما سألا النبي صلى الله عليه وسلم الصدقة، فقال: ان شئتما ولاحظ فيها لغنى ولا لقوى مكتسب) قلنا: هذا الخبر وكل ما جاء بهذا اللفظ فإنما هو على الصدقة المفروضة التي حرمت على الأغنياء الا من خصه النص منهم من العاملين عليها. والمؤلفة قلوبهم. والغارمين. وفى سبيل الله.
وابن السبيل فقط * برهان ذلك ما روينا من طريق أحمد بن شعيب أخبرني عمران بن بكار حدثني على ابن عياش نا شعيب هو ابن أبي حمزة حدثني أبو الزناد حدثني عبد الرحمن الأعرج أنه سمع أبا هريرة يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر حديثا فيه قال رجل؟ لأتصدقن