هو (1) اجماعا فان عثمان البتي لا يرى حكم العاقلة، وأيضا فان الذي اتانا بهذا هو الذي افترض ان يحج عن العاجز والميت، وقد قال تعالى: (من يطع الرسول فقد أطاع الله) وهم يجيزون الحج عن الميت إذا أوصى بذلك والصدقة عن الحي والميت والعتق عنهما أوصيا بذلك أو لم يوصيا، ولا يعترضون في ذلك بهذه الآية (فان قالوا): لما أوصى بالحج كان مما سعى قلنا لهم: فأوجبوا بذلك ان يصام عنه إذا أوصى بذلك لأنه مما سعى * (فان قالوا): عمل الأبدان لا يعمله أحد عن أحد فقلنا: هذا باطل ودعوى كاذبة، ومن أين قلتم هذا؟ بل كل عمل إذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم به ان يعمله المرء عن غيره وجب ذلك على رغم أنف المعاند * (فان قالوا): قياسا على الصلاة قلنا: القياس كله باطل ثم لو صح لكان هذا عليكم لا لكم لأنكم لا تختلفون في جواز ان يصلى المرء الذي يحج عن غيره ركعتين عند المقام عن المحجوج عنه فقد جوزتم ان يصلى الناس بعضهم عن بعض فقيسوا عن ذلك سائر أعمال الأبدان * وقالوا: لما كان الحج فيه مدخل للمال في جبره بالهدى والاطعام جاز أن يعمله (2) بعض الناس عن بعض قلنا: ومن أين لكم هذا الحكم الذي هو كذب مفترى وشرع موضوع بلا شك؟ ثم قد تناقضتم فيه لان الصيام فيه مدخل للمال في جبره بالعتق والاطعام ولا فرق، وفى وجوب زكاة الفطر من صومه فأجيزوا لذلك ان يعمله بعض الناس عن بعض * قال أبو محمد: والعجب كله ان المالكيين يجيزون ان يجاهد الرجل عن غيره بجعل ويجيزون الكفارة عن المرأة المكرهة على الوطئ (3) في نهار رمضان على غيرها عنها وهو الذي أكرهها فأجازوا كل ذلك حيث لم يجزه الله تعالى ولا رسوله عليه السلام ومنعوا من جوازه حيث افترضه الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم * قال على: فان موهوا بما رويناه من طريق ابن أبي أويس نا محمد بن عبد الله بن كريم الأنصاري عن إبراهيم بن محمد بن يحيى العدوي النجاري (أن امرأة قالت: يا رسول الله ان أبى شيخ كبير فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لتحجى عنه وليس لاحد بعده) * ومما رويناه من طريق عبد الملك بن حبيب حدثني مطرف عن محمد بن الكرير (4) عن محمد بن حبان الأنصاري (ان امرأة جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: إن أبى شيخ كبير لا يقوى عن الحج فقال عليه السلام: فلتحجى عنه وليس ذلك لاحد بعده) * ومن طريق عبد الملك بن حبيب حدثني هارون بن صالح الطلحي عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم
(٥٩)