ابن نمير نا أحمد بن بشر عن عبد السلام بن عبد الله بن جابر الأحمسي عن أبيه عن زينب بنت جابر الأحمسية (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها في امرأة حجت معها مصمتة: قولي لها:
تتكلم فإنه لا حج لمن لم يتكلم)، وقد ذكرنا رواية أحمد بن شعيب عن نوح بن حبيب القومسي (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر الذي أحرم في جبة ان يجدد إحراما) (1) * قال أبو محمد: ولا سبيل لهم إلى أن يوجدوا عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم ان الفسوق لا يبطل الاحرام، وأما من فسق غير ذاكر لاحرامه فان لا يبطل بذلك إحرامه لأنه لم يقصد ابطاله ولا أتى باحرامه بخلاف ما أمر به عامدا، وبالله تعالى التوفيق * 865 - مسألة - والجدال قسمان، قسم في واجب وحق، وقسم في باطل. فالذي في الحق واجب في الاحرام وغير الاحرام قال تعالى: (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن). ومن جادل في طلب حق له فقد دعا إلى سبيل ربه تعالى، وسعى في اظهار الحق والمنع من الباطل، وهكذا كل من جادل في حق لغيره أو لله تعالى، والجدال بالباطل وفى الباطل عمدا ذاكرا لاحرامه مبطل للاحرام وللحج لقوله تعالى: (فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج)، وبالله تعالى التوفيق * 866 - مسألة - ومن لم يلب في شئ من حجه أو عمرته بطل حجه وعمرته (2) فان لبى ولو مرة واحدة أجزأه والاستكثار أفضل، فلو لبى ولم يرفع صوته فلا حج له ولا عمرة لأمر جبريل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الله عز وجل بأن يأمر أصحابه أن يرفعوا أصواتهم بالتلبية، فمن لم يلب أصلا أو لبى ولم يرفع صوته وهو قادر على ذلك فلم يحج ولا اعتمر كما أمره الله تعالى، وقد قال عليه السلام: (من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد). ولو أنهم رضي الله عنهم إذ أمرهم عليه السلام برفع أصواتهم بالتلبية أبوا لكانوا عصاة بلا شك، والمعصية فسوق بلا خلاف، وقد أعاذهم الله عز وجل من ذلك قال تعالى:
(فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج)، وقد بينا أن الفسوق يبطل الحج، وبالله تعال التوفيق * ومن لبى مرة واحدة رافعا صوته فقد لبى كما أمره الله تعالى ووقع عليه اسم ملب (3) وعلى فعله اسم التلبية فقد أدى ما عليه ومن أدى ما عليه ومن أدى ما عليه لم يلزمه فرضا أن يؤدى ما ليس عليه، والفرائض لا تكون إذ محدودة ليعلم الناس ما يلزمهم منها، وما لاحد له فليس فرضا عليه، وبالله تعالى التوفيق، لان في إلزامه تكليف مالا يطاق وقد أمننا الله تعالى من ذلك * 867 - مسألة - وجائز للمحرمين من الرجال والنساء ان يتظللوا في المحامل