وأما ترك أبى بكر، وعمر، وابن عمر، وابن عباس صيامه فقد صامه غيرهم كما روينا من طريق عبد الرحمن بن مهدي عن سهل بن أبي الصلت عن الحسن البصري انه سئل عن صوم يوم عرفة؟ فقال: صامه عثمان بن عفان في يوم حار يظلل عليه * ومن طريق حماد بن سلمة عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق ان عائشة أم المؤمنين كانت تصوم يوم عرفة في الحج * وبه إلى حماد بن سلمة نا عطاء الخراساني ان عبد الرحمن بن أبي بكر دخل على عائشة أم المؤمنين يوم عرفة وهي تصب عليها الماء فقال لها: أفطري فقالت: أفطر؟ وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (صوم يوم عرفة يكفر العام الذي قبله) * ومن طريق هشام بن عروة ان عبد الله بن الزبير كان يدعو عشية عرفة إذا أفاض الناس بماء ثم يفيض * قال على: فإذا اختلفوا فالمرجوع إليه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد روينا من طريق البخاري عن مسدد عن يحيى بن سعيد القطان عن شعبة عن توبة عن مورق العجلي قال:
قلت لابن عمر: (رضي الله عنهما (1)) أتصلي الضحى؟ قال: لا قلت: فعمر قال: لا (قلت: فأبو بكر قال: لا قلت: فرسول الله (2) صلى الله عليه وسلم قال: لا إخاله) * فمن كره صوم يوم عرفة لقول ابن عمر: ان رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يصمه، ولا أبو بكر، ولا عمر فليكره صلاة الضحى لقوله فيها مثل ذلك، والطريقان صحيحان والا فهو متلاعب بالدين، وقد صح ان أبا بكر، وعمر لم يكونا يضحيان فليكرهوا الأضحية أيضا لذلك * قال على: ومن العجب أن يكون نهى النبي صلى الله عليه وسلم قد جاء بأغلظ الوعيد عن صيام الدهر ولم يصمه عليه السلام فيستحبونه ويبيحونه ثم يأتي حض النبي صلى الله عليه وسلم باشد الحض على صوم عرفة فيكرهونه لأنه عليه السلام لم يصمه ولم يحض النبي صلى الله عليه وسلم بتركه الحاج دون غيره ولا بالحض عليه من ليس حاجا من حاج * وأما سماع عبد الله بن معبد من أبى قتادة فعبد الله ثقة - والثقات مقبولون - لا يحل رد رواياتهم بالظنون وبالله تعالى التوفيق * 794 - مسألة - ونستحب صيام أيام العشر من ذي الحجة قبل النحر لما حدثنا حمام نا ابن مفرج نا ابن الاعرابي نا الدبري نا عبد الرزاق عن سفيان الثوري عن الأعمش عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم (ما من أيام أحب إلى الله فيهن العمل أو أفضل فيهن العمل من أيام العشر قيل: يا رسول الله ولا الجهاد قال: ولا الجهاد الا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشئ) * قال أبو محمد: هو عشر ذي الحجة، والصوم عمل بر فصوم عرفة يدخل في هذا أيضا *