موسى بن سلمة (1) عن ابن عباس قال: (بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم مع فلان الأسلمي ثمان عشرة بدنة فقال: أرأيت ان أزحف (2) على منها شئ فقال رسول الله عليه السلام: تنحرها ثم تصبغ نعلها في دمها، ثم اضرب بها (3) على صفحتها ولا تأكل منها أنت ولا أحد من أهل رفقتك) * ومن طريق أبى داود نا محمد بن كثير نا سفيان - هو الثوري - عن هشام ابن عروة عن أبيه عن ناجية الأسلمي (ان رسول الله عليه السلام بعث معه بهدى فقال: إن عطب (منها شئ) (4) فانحره، ثم اصبغ نعله في دمه، ثم خل بينه وبين الناس)، فهذا عموم لكل هدى * قال أبو محمد: قال أبو حنيفة: له ان يتصدق بها وهذا خلاف أمر رسول الله عليه السلام لأنه إذا تولى توزيعها فلم يخل بين الناس وبينها، وقال مالك: ان أكل منها شيئا ضمن الهدى كله وهذا خطأ لان الله تعالى قال: (وجزاء سيئة سيئة ثملها) ومن الباطل المحال (5) ان يأكل لقمة فيغرم عنها ناقة من أصلها، وهذا عدوان لاشك فيه، وقال أبو حنيفة. والشافعي.
وأبو سليمان: لا يغرم إلا مثل ما أكل، وهذا مما يتناقض فيه أبو حنيفة. ومالك فأخذا فيه برواية ابن عباس وتركا رأيه الذي خالف فيه ما روى، وبالله تعالى التوفيق * 907 - مسألة - فإن كان الهدى عن واجب وهي ستة إهداء فقط لا سابع لها، إما جزاء صيد. وإما هدى المتمتع. وإما هدى الاحصار. وإما نسك فدية الأذى.
وإما هدى من نذر مشيا إلى الكعبة فركب، وإما نذر هدى، وهذا الهدى ينقسم قسمين قسم بغير عينه وقسم منذور بعينه، فان عطب الواجب قبل بلوغه محله فعل به صاحبه ما شاء من بيع أو أكل أو هدية أو صدقة ويهدى ما وجب عليه ولا بد حاشا المنذور بعينه فإنه ينحره ويتركه ولا يبدله لأنه إنما عليه في كل ما ذكرنا هدى واجب في ماله وذمته فعليه أن يأتي به أبدا وما لم يؤده عما عليه فهو مال من ماله يفعل فيه ما شاء عطب أو لم يعطب، وأما المنذور بعينه فهو خارج عن ماله لا حق له فيه وليس عليه أن يبدله إلا أن يتعدى عليه فيهلكه فيضمنه بالوجه الذي نذره له لأنه اعتدى على حق غيره فعليه مثله، وأما من منع من تحكم المرء في هديه ما لم يبلغه محله فمبطل بلا دليل وإنما خرج من ذلك التطوع يعطب قبل محله بالنص الذي أوردنا، والتطوع ثلاثة اهداء لا رابع لها، من ساق هديا في قران