وقال زفر صاحبه: إن حلق القارن قبل أن يذبح أو ينحر فعليه ثلاثة دماء، فإن كان متمتعا فعليه دم واحد، فإن كان مفردا فلا شئ عليه * وقال أبو يوسف: ان حلق قبل أن يذبح قارنا أو متمتعا فعليه دم واحد، فإن كان مفردا فلا شئ عليه، ثم رجع فقال هو. ومحمد بن الحسن: لا شئ عليه في كل ذلك * وقال مالك: ان حلق قبل ان يذبح أو ينحر فلا شئ عليه فان حلق قبل ان يرمى فعليه دم * وقال الشافعي: لا شئ عليه فيما أخر أو قدم إلا من طاف بين الصفا والمروة قبل الطواف بالبيت فعليه دم * قال أبو محمد: كل هذه أقوال في غاية الفساد لأنها كلها دعاوى بلا دليل لامن قرآن.
ولا من سنة. ولا من قول صاحب. ولا من قياس. ولامن رأى سديد * فأما تفريق - أبي حنيفة بين الحكم المفرد والقارن وايجاب زفر ثلاثة دماء على القارن ودما على المتمتع، وتفريق مالك بين تقديم الحلق على الرمي وتقديمه على النحر والذبح، وتفريق الشافعي بين تقديم السعي على الطواف وبين سائر ما قدم وأخر - فأقوال لاتحفظ عن أحد من أهل العلم قبل القائل بها ممن ذكرنا، وبالله تعالى التوفيق * 846 - مسألة - ومن لم يبت ليالي منى بمنى فقد أساء ولا شئ عليه الا الرعاء وأهل سقاية العباس فلا نكره لهم المبيت في غير منى بل للرعاء أن يرموا يوما ويدعوا يوما * روينا من طريق أبى داود نا مسدد نا سفيان - هو ابن عيينة - عن عبد الله. ومحمد ابني أبى بكر بن (1) محمد بن عمرو بن حزم عن أبيهما عن أبي البداح بن عدي عن أبيه (ان رسول الله صلى الله عليه وسلم (2) رخص للرعاء ان يرموا يوما ويدعوا يوما) * فصح بهذا الخبر ان الرمي في كل يوم من أيام منى ليس فرضا * ومن طريق مسلم نا ابن نمير - هو محمد بن عبد الله - نا أبى نا عبيد الله - هو ابن عمر - حدثني نافع عن ابن عمر قال: (ان العباس بن عبد المطلب استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم من أجل سقايته ان يبيت بمكة ليالي منى فأذن له) (3) * قال أبو محمد: فأهل السقاية مأذون لهم من أجل السقاية وبات عليه السلام بمنى ولم يأمر بالمبيت بها فالمبيت بها سنة وليس فرضا لان الفرض إنما هو امره صلى الله عليه وسلم فقط، (4) * (فان قيل): ان إذنه للرعاء وترخيصه لهم وإذنه للعباس ذليل على أن غيرهم بخلافهم قلنا:
لا وإنما كأن يكون هذا لو تقدم منه عليه السلام أمر بالمبيت والرمي فكأن يكون هؤلاء مستثنين من سائر من أمروا، واما إذا لم يتقدم منه أمر عليه السلام فنحن ندري ان هؤلاء