عن مسلم بن إبراهيم نا هلال بن عبد الله مولى ربيعة بن عمرو بن مسلم الباهلي نا أبو إسحاق الهمداني عن الحارث عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم (من ملك زادا وراحلة تبلغه إلى بيت الله عز وجل فلم يحج فلا عليه ان يموت يهوديا أو نصرانيا لان الله تعالى يقول: (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فان الله غنى عن العالمين) (1)) وقالوا: لما قال الله تعالى: (من استطاع إليه سبيلا) علمنا أنها استطاعة غير القوة بالجسم، إذا لو كان تعالى أراد قوة الجسم لما احتاج إلى ذكرها لأننا قد علمنا أن الله تعالى لا يكف نفسا الا وسعها، وقالوا: قال الله تعالى: (إلى بلد لم تكونوا بالغيه الا بشق الأنفس) فصح ان الرحلة (2) شق الأنفس بالضرورة ولا يكلفنا الله تعالى ذلك لقوله تعالى (ما جعل عليكم في الدين من حرج)، وذكروا ما روينا من طريق عطاء الخراساني عن عمر بن الخطاب أنه قال في استطاعة السبيل إلى الحج زاد وراحلة * ومن طريق الضحاك عن ابن عباس في ذلك أيضا زاد وبعير * ومن طريق إسرائيل عن الحسن عن أنس من استطاع إليه سبيلا قال زاد وراحلة * ومن طريق إسرائيل عن مجاهد عن ابن عمر قال: من استطاع إليه سبيلا قال: ملء بطنه وراحلة يركبها، وهو قول الضحاك بن مزاحم والحسن البصري، ومجاهد، وسعيد بن جبير، ومحمد بن علي بن الحسين، وأيوب السختياني، واحد قولي عطاء * قال أبو محمد: فادعوا في هذا انه قول طائفة من الصحابة لا يعرف لهم منهم مخالف وليس كما قالوا أصلا: لأننا قد روينا عن وكيع وغيره عن عمران بن حدير عن النزال ابن عمار عن ابن عباس قال: (من ملك ثلاث مائة درهم وجب عليه الحج وحرم عليه نكاح الإماء) * ومن طريق عبد الرزاق عن ابن جريج عن عطاء الخراساني عن ابن عباس قال، في الحج: سبيله من وجد له سعة ولم يحل بينه وبينه، وهذا هو قولنا * ومن طريق عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان الثوري عن خالد بن أبي كريمة عن ابن الزبير قال:
من استطاع إليه سبيلا قال: على قدر القوة وهو أحد قولي عطاء * قال على: أما احتجاجهم بأن الاستطاعة لو كانت على العموم لما كان لذكرها معنى فكلام فاسد، واعتراض على الله تعالى، واخراج للقرآن عن ظاهره بلا برهان ثم لو صح هذا لكان حجة عليهم. لان رسول الله صلى الله عليه وسلم أوجب الحج على من لا يستطيعه بجسمه ولا بماله إذا وجد من يحج عنه كما نذكر بعد هذا إن شاء الله تعالى، فكان ذلك داخلا في الاستطاعة ببيان رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأما قولهم: ان الرحلة من شق الأنفس والحرج والله تعالى لا يكلف ذلك عباده فصحيح ولم نقل نحن: ان من كانت الرحلة تشق