933 - مسألة - (1) فان ذكروا حديث أبي جندل، وان رسول الله صلى الله عليه وسلم رده على المشركين فلا حجة لهم فيه لوجوه، أولها انه عليه السلام رده ولم يكن العهد ثم بينهم وهم لا يقولون بهذا، والثاني انه عليه السلام لم يرده حتى أجاره لم مكرز بن حفص (2) من أن يؤذى، والثالث انه عليه السلام قد كان الله تعالى أعلمه أنه سيجعل الله له فرجا ومخرجا ونحن لا نعلم ذلك، والرابع انه خبر منسوخ نسخه قول الله تعالى بعد قصة أبى جندل (يا أيها الذين آمنوا إذا جاء كم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن الله أعلم بايمانهن فان علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار لا هن حل لهم ولاهم يحلون لهن) فأبطل الله تبارك وتعالى بهذه الآية عهدهم في رد النساء ثم أنزل الله تعالى براءة بعض ذلك فأبطل العهد كله ونسخه بقوله تعالى: (براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين فسيحوا في الأرض أربعة أشهر) وبقوله تعالى في براءة أيضا. (كيف يكون للمشركين عهد عند الله وعند رسوله الا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام؟) الآية فأبطل تعالى كل عهد للمشركين (3) حاشا الذين عاهدوا (4) عند المسجد الحرام. وبقوله تعالى:
(فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد فان تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم)، وقال تعالى: (قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون) * فأبطل الله تعالى كل عهد ولم يقره ولم يجعل للمشركين إلا القتل، أو الاسلام، ولأهل الكتاب خاصة اعطاء الجزية وهم صاغرون (5) وأمن المستجير والرسول حتى يؤدى رسالته ويسمع المستجير كلام الله (6) ثم يردان إلى بلادهما ولا زيد، فكل عهد غير هذا فهو باطل مفسوخ لا يحل الوفاء به لأنه خلاف شرط الله عز وجل وخلاف أمره * روينا من طريق البخاري نا عبد الله بن محمد نا عبد الرزاق أخبرنا معمر أخبرني الزهري قال: أخبرني عروة بن الزبير عن السور بن مخرمة وغيره فذكر حديث الحديبية، وفيه (فقال المسلمون: سبحان الله! كيف يرد إلى المشركين وقد جاء مسلما؟ فبينما هم كذلك إذ دخل أبو جندل بن سهيل بن عمرو يوسف في قيوده (وقد خرج من أسفل مكة حتى رمى بنفسه بين أظهر المسلمين) (7) فقال سهيل: هذا أول ما أقاضيك عليه ان