مأكلا الا الخنازير والميتات: انه مباح له أكله فأعانوه على أعظم الظلم وأشد البغي والعدوان والعجب أنهم موهوا ههنا بقول الله تعالى: (ولا تقتلوا أنفسكم) * قال أبو محمد وهذا من أقبح ما يكون من الايهام وما أمرناه بقتل نفسه بل بما افترض الله تعالى عليه من التوبة فلينوها بقبله وليمسك عن البغي والامتناع من الحق بيديه ثم يأكل ما اضطر إليه حلالا له وما سمعنا بقول أقبح من قولهم هذا أن لا يأمروه بالتوبة من البغي ويبيحوا له التقوى على الافساد في الأرض بأكل الميتة والخنزير نبرأ إلى الله من هذا القول * روينا عن مجاهد (غير باغ ولا عاد) غير باغ على المسلمين ولا عاد عليهم، قال مجاهد: ومن يخرج لقطع الطريق أو في معصية الله تعالى فاضطر إلى الميتة لم تحل له إنما تحل لمن خرج في سبيل الله تعالى فان اضطر إليها فليأكل * وعن سعيد بن جبير (فمن اضطر عير باغ ولا عاد) قال: إذا خرج في سبيل من سبل الله تعالى فاضطر إلى الميتة اكل وان خرج إلى قطع الطريق فلا رخصة له * وموهوا مما رويناه من طريق سلمة بن سابور (1) عن عطية عن ابن عباس ان معنى الباغي والعادي إنما هو في الاكل * قال أبو محمد: وهذا لا حجة لهم فيه لوجوه ثلاثة، أولها أنه لا حجة في قول أحد في تخصيص القرآن دون رسول الله صلى الله عليه وسلم، والثاني انه اسناد فاسد لا يصح لان سلمة بن سابور ضعيف، وعطية مجهول، والثالث انه لو صح لكان موافقا لقولنا لا لقولهم لان الباغي في الاكل والعادي فيه هو من أكله فيما لم يبح له وأكله في البغي على المسلمين باغ في الاكل وعاد فيه، وهكذا نقول وما قال قط أحد نعلمه قبلهم: ان من خرج مفسدا في الأرض فاضطر إلى الميتة فله أكلها مصرا على افساده متقويا على ظلم المسلمين ونعوذ بالله من الخذلان، وقال قائلون: لا يحل له ان يأكل من ذلك الا ما يمسك رمقة * قال على: وهذا خطأ لان الله تعالى استثنى المضطر من التحريم فهو بلا شك غير داخل في التحريم وإذ هو غير داخل فيه فكل ذلك مباح له جملة * 1027 - مسألة - والسرف حرام وهو النفقة فيما حرم الله تعالى قلت أو كثرت ولو أنها جزء من قدر جناح بعوضة، أو التبذير (2) فيما لا يحتاج إليه ضرورة مما لا يبقى للمنفق بعده غنى، أو إضاعة المال وان قل برميه عبثا فما عدا هذه الوجوه فليس سرفا وهو حلال وان كثرت النفقة فيه، وقولنا هذا رويناه عن سعيد بن جبير وغيره قال الله تعالى: (ولا تسرفوا انه لا يحب المسرفين)، ومن طريق ابن وهب انا يونس - هو ابن يزيد - عن ابن شهاب أخبرني عبد الرحمن بن كعب بن مالك بن مالك قال: سمعت كعب بن مالك فذكر الحديث وفيه (فقلت:
(٤٢٨)