فيه ولا يمكن سواه والحمد لله رب العالمين (1) * وقال بعض الناس: كقولنا إلا أنه قال: ما أطعمهم وأي مقدرا أطعمهم أجزأه * قال أبو محمد: وهذا باطل لان الله تعالى قال: (اطعام مساكين) فلو حمل على ظاهر اللفظ لأجزأ اطعام حبة برة (2) لمسكين أو حبة خردلة أو وزن (3) حبة صبر أو شحم حنظل، وهذا باطل لان الله تعالى قال: (الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف)، وذكر تعالى عن إبراهيم أنه ذكر عن ربه عز وجل في حمده إياه هو (يطعمني ويسقيني) فإنما أراد عز وجل بذلك بلا شك (4) ما أمسك الحياة وطرد الجوع مما يحل أكله لا مما يحرم ولا مما هو وعدمه سواء، فصح يقينا أنه يشبع ثلاث مساكين مما يحل أكله، وهكذا نقول (5) في الاطعام في كفارة قتل الخطأ، وأما سائر ما فيه الاطعام فقد جاء مقدار ما يطعم فيه منصوصا وهي أربعة مواضع فقط، الا طعام في وطئ الأهل في نهار رمضان عمدا، والاطعام في الظهار، والاطعام في كفارة الايمان، والا طعام في حلق الرأس للمريض المحرم قبل محله، وبالله تعالى التوفيق * وأما قولنا في الصيام: فان الإشارة بلفظة ذلك إنما تقع في اللسان العربي الذي به نزل القرآن على أبعد مذكور، وكان الصيد في هذه أذية أبعد مذكور فلزم بذلك عدله صياما ولا يكون عدله أصلا الا كما ذكرنا، وأما من قومه قيمة، ثم قوم القيمة طعاما، ثم رأى عدل ذلك صياما فلم يوجب عدل الصيد وإنما أوجب عدل قيمته وليس هذا في الآية فبطل القول به (جملة) (6)، ثم نسأل من قال: بتقويم الهدى دراهم، أو طعاما أي الهدى تقوم؟ وقد يختلف قيم النوق. والبقر. والغنم فأي ناقة تقوم؟ أم أي بقرة تقوم؟ أم أي شاة؟ وهذا الزام مضمحل بلا برهان، ثم نقول لمن قال بتقويم الصيد: متى تقومه؟ أحيا أم مقتولا؟ فان قالوا: مقتولا قلنا: هو عندكم جيفة ميتة ولا قيمة للميتة، ثم هو أيضا منكم قول بلا برهان، وان قالوا بل يقوم (7) حيا قلنا:
وما برهانكم على ذلك وقيمته حيا تختلف فيكون حمار وحش يرغب فيه الملوك فيغالون به فإذا ذكى لم يكن له كبير قيمة، ثم في أي المواضع يقوم؟ (فان قالوا): حيث أصيب قلنا: فان أصيب بفلاة لا قيمة له (8) فيها أصلا، وكل ما قالوه فبلا دليل * قال أبو محمد: واختلف الناس ههنا في مواضع، أحدها التخيير فقال قوم: هذا على