ومن طريق سعيد بن منصور نا ابن وهب عن عمرو بن الحارث عن بكير بن الأشج عن نافع مولى ابن عمر قال: كان يسافر مع عبد الله بن عمر موليات (له) (1) ليس معهن محرم، وهو قول ابن سيرين وعطاء، وهو ظاهر قول الزهري، وقتادة، والحكم ابن عتيبة * - وهو قول الأوزاعي، ومالك، والشافعي، وأبي سليمان وجميع أصحابهم * قال أبو محمد: أما قول أبي حنيفة في التحديد الذي ذكر فلا نعلم له سلفا فيه من الصحابة ولا من التابعين رضي الله عنهم بل ما نعلم أحدا قاله قبلهم، وهم يعظمون خلاف الصاحب إذا وافق تقليدهم، ويقولون: ان المرسل كالمسند، وقد صح عن ابن عمر ما ذكرنا، وروى عن أم المؤمنين بأحسن مرسل يمكن وجود مثله، ولا يعرف لهما في ذلك مخالف من الصحابة رضي الله عنهم، وقد خالفهما أصحاب أبي حنيفة، وهذا تناقض فاحش * قال أبو محمد: ثم نظرنا فيما احتجت به كل طائفة لقولها فوجدنا أصحاب أبي حنيفة يحتجون لقولهم بالخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا تسافر امرأة ثلاثا إلا مع زوج أو ذي محرم) وقالوا: قد روى أيضا (ليلتين) وروى (يوما وليلة) وروى (يوما) وروى (بريدا) قالوا: ونحن على يقين من تحريم سفرها ثلاثا وعلى شك من تحريم سفرها أقل من ذلك لأنه قد يكون ذكر الثلاث متقدما ويكون متأخرا فالثلاث على كل حال محرم (2) عليها سفرها إلا مع زوج أوذى محرم فنأخذ مالا شك فيه وندع ما فيه الشك لا حجة لهم غير هذا أصلا * قال على: وهذا عليهم لالهم لوجهين، أحدهما أنه ليس صواب العمل ما ذكروا لأنه إن كان خبر الثلاث متقدما أو متأخرا فليس فيه ان تقدم ابطال لحكم النهى عن سفرها أقل من ثلاث لكنه بعض ما في سائر الروايات، وسائر الروايات زائدة عليه، وليس هذا مكان نسخ أصلا بل كل (تلك) (3) الاخبار حق وكلها يجب استعمالها (4) وليس بعضها مخالفا لبعض أصلا، ويقال لهم: خبر ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم لا تسافر امرأة الا مع ذي محرم جامع لكل سفر فنحن على يقين من تحريم كل سفر عليها الا مع زوج أو ذي محرم، ثم لا ندري أبطل هذا الحكم أم لا؟ فنأخذ باليقين ونلغي الشك فهذا معارض لاحتجاجهم مع ما قدمنا، ويقال لهم: عهدنا بكم تذمون الاخبار بالاضطراب، وهذا خبر رواه أبو سعيد، وأبو هريرة، وابن عمر، وابن عباس فلم يضطرب
(٤٨)