989 - مسألة - وأما ما يسكن جوف الماء ولا يعيش إلا فيه فهو حلال كله كيفما وجد، سواء أخذ حيا ثم مات أو مات في الماء، طفا أو لم يطف، أو قتله حيوان بحري أو برى هو كله حلال أكله، وسواء خنزير الماء، أو انسان الماء، أو كلب الماء وغير ذلك كل ذلك حلال أكله: قتل كل ذلك وثني أو مسلم أو كتابي أو لم يقتله أحدا * برهان ذلك قول الله تعالى: (وما يستوى البحران هذا عذب فرات سائغ شرابه وهذا ملح أجاج ومن كل تأكلون لحما طريا، وقال تعالى: (أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم وللسيارة) فعم تعالى ولم يخص شيئا من شئ (وما كان ربك نسيا) فخالف أصحاب أبي حنيفة هذا كله وقالوا: يحل اكل ما مات من السمك وما جزر عنه الماء (1) ما لم يطف على الماء مما مات في الماء حتف أنفه خاصة، ولا يحل أكل ماطفا منه على الماء ولا يحل أكل شئ مما في الماء السمك وحده، ولا يحل أكل خنزير الماء ولا انسان الماء، واحتجوا في ذلك بان قالوا: قد حرم الله أكل الخنزير جملة والانسان وهذا خنزير وانسان، قالوا:
فان ضربه حوت فقتله. أو ضربه طائر فقتله. أو ضربته صخرة فقتلة. أو صاده وثنى فقتله فطفا بعد كل هذا فهو حلال أكله، وقال محمد بن الحسن (2) في سمكة ميتة بعضها في البر وبعضها في الماء (3): إن كان الرأس وحده خارج الماء اكلت وإن كان الرأس في الماء نظر فإن كان الذي في البر من مؤخرها النصف فأقل لم يحل أكلها وإن كان الذي في البر من مؤخرها أكثر من النصف حل أكلها * قال أبو محمد: هذه أقوال لا تعلم عن أحد من أهل الاسلام قبلهم وهي مخالفة للقرآن وللسنن ولأقوال العلماء وللقياس وللمعقول لأنها تكليف ما لا يطاق مما لا سبيل إلى علمه هل ماتت وهي طافية فيه أو ماتت قبل ان تطفو أو ماتت من ضربة حوت. أو من صخرة منهدمة. أو حتف أنفها؟ ولا يعلم هذا الا الله أو ملك موكل بذلك الحوت، وما ندري لعل الجن لا سبيل لها إلى معرفة ذلك أم يمكنها علم ذلك لان فيهم غواصين بلا شك؟ قال تعالى: (ومن الشياطين من يغصون له) (4) ثم لابد للسمكة التي شرع فيها محمد ابن الحسن هذه الشريعة السخيفة من مذرع يذرع ما منها خارج الماء وما منها داخل الماء ثم ما يدريه البائس لعله كان أكثرها في الماء، ثم أدارتها الأمواج فيالله ويا للمسلمين