حلال مذكى على كل حال، واما إذا كان لا يموت من ذلك موت المذكى فلا يحل اكله الا بذكاة لان حكم الذكاة إراحة المذكى وتعجيل الموت كما ذكرنا من أمر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، وسنذكر إن شاء الله تعالى حكم ارسال الجارح * 1068 - مسألة - وكل ما ذكرنا انه لا يجوز التذكية به فلا يحل ما قتل به من الصيد، وكل من قلنا: إنه لا يحل أكل ما ذبح أو نحر لم يحل أكل ما قتل من الصيد كغير الكتابي (1) والصبي ومن تصيد بآلة مأخوذة بغير حق، وكل من قلنا: إنه يحل أكل ما ذبح أو نحر جاز أكل ما قتل من الصيد كالكتابي، والمرأة. والعبد. وغيرهم ولا يحل أكل ما لم يسم الله تعالى عليه مما قتل من الصيد بعمد. أو بنسيان (2) لان الصيد ذكاة، وقد ذكرنا برهان ذلك في كلامنا في كتاب التذكية آنفا والحمد لله رب العالمين * وكره بعض الناس أكل ما قتله الكتابيون من الصيد وهذا باطل لان الصيد ذكاة وقد أباح الله تعالى لنا ما ذكوا ولم يخص ذبيحة من نحيرة من صيد (وما كان ربك نسيا) وقد قال تعالى: (وقد فصل لكم ما حرم عليكم) ولم يفصل لنا تحريم هذا، فلو كان حراما لفصل لنا تحريمه فإذ لم يفصل لنا تحريمه فهو حلال محض، فان موهوا بقول الله تعالى: (تناله أيديكم ورماحكم) قلنا وقد قال تعالى:
(الا ما ذكيتم) فحرموا بهذه الآية أكل ما ذبحوا إذا والا فقد تناقضتم، وقوله تعالى:
(وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم) زائد على ما في هاتين الآيتين فالأخذ به واجب، وقولنا ههنا هو قول عطاء والليث. والأوزاعي. والثوري. وأبي حنيفة. والشافعي.
وأبي سليمان. وأصحابهم، والقول الآخر هو قول مالك ولا نعلم له سلفا في هذا (3) أصلا، ولا جاء عن أحد من الصحابة ولا التابعين التفريق بين ذبائح أهل الكتاب وبين صيدهم * وروينا من طريق يحيى بن سعيد القطان عن ابن جريج قال: قلت لعطاء: أيرسل المجوسي بازي (4)؟
قال: نعم إذا أرسل المجوسي كلبك فقتل فكل، وهو قول أبي ثور. وغيره وبالله تعالى التوفيق، وقال بعض الناس: قد علمنا أن النصراني إذا في الله تعالى فإنما يعني به المسيح فسواء أعلن باسم المسيح أو لم يعلن وهذا لأننا إنما نتبع ما أمرنا الله تعالى به ولا نتعرض عليه بآرائنا وقد قال تعالى: (ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه) فحسبنا إذا سمى الله تعالى فقد أتى بالصفة التي أباح الله تعالى لنا بها اكل ما ذكى ولا نبالي ما عنى لان الله تعالى لم يأمرنا بمراعاة نيته الخبيثة (وما كان ربك نسيا) وإذا لم يذكر الله تعالى أو ذكر غير الله تعالى فقد أتى بالصفة التي حرم الله تعالى علينا الاكل مع وجودها لأنه أهل لغير الله به ولا نبالي بنيته الخبيثة