قال أبو محمد: وما ندري من أين وقع ايجاب الوقوف بعرفة ليلا وإبطال الحج بتركه؟
وهم لا يبطلون الحج بمخالفة عمل النبي صلى الله عليه وسلم كله في عرفة، وفى الدفع منها، وفى مزدلفة * فان ذكروا ا رويناه من طريق سعيد بن منصور نا هشيم انا ابن أبي ليلى عن نافع عن ابن عمر قال: من أدرك عرفات بليل فقد أدرك الحج ومن لم يدرك عرفات بليل فقد فاته الحج * قلنا: قد صح عن ابن عمر أنه لا يكون هديا الا ما قلد وأشعر فخالفتموه، وصح عن عمر من قدم ثقله من منى بطل حجه فخالفتموه، فمن أين صار (1) ابن عمر ههنا حجة ولم يصر حجة هو ولا أبوه فيما ذكرنا غنهما مما استسهلتم خلافهما فيه، وما نعلم (2) للمالك في هذا القول حجة أصلا * وأما إيجاب الدم في ذلك فحطأ لأنه لا يخلو أن يكون من دفع من عرفة قبل غروب الشمس فعل ما أبيح له أو ما لم يبح له، فإن كان فعل ما أبيح له فلا شئ عليه، وإن كان فعل ما لم يبح له فحجه باطل ولا مزيد * قال أبو محمد: روينا من طريق عطاء عن ابن عباس أنه قال: ملاك الحج الذي يصير إليه ليلة عرفة من أدركها قبل الفجر ليلا أو نهارا فقد أدرك الحج * وأما استحبابنا للتمتع ان يهل بالحج يوم التروية في أخذه في النهوض إلى منى فلما ذكرنا من فعل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بحضرته، واختار مالك ان يهل المتمتع وأهل مكة إذا أهل هلال ذي الحجة، واحتجوا برواية عن عمر أنه قال: يا أهل مكة يقدم الناس شعثا وأنتم مدهنون فذا رأيتم الهلال فأهلوا، فان هذه رواية لا نعلمها تتصل إلى عمر إنما نذكرها من طريق القاسم بن محمد وإبراهيم النخعي عن عمر، وكلاهما لم يولد الابعد موت عمر بأعوام، ثم لو صح عنه لكان الثابت المتصل من فعل الصحابة بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم أولى من رأى رآه عمر * وقد روينا عن سعيد بن منصور نا هشيم نا ابن أبي ليلى. عن عطاء ابن أبي رباح قال:
رأيت ابن عمر في المسجد الحرام وقد أهل بالحج إذ رأى هلال ذي الحجة عاما ثم عاما آخر، فلما كان في العام الثالث قيل له: قد رؤى هلال ذي الحجة فقال: ما أنا الا كرجل من أصحابي وما أراني أفعل الا كما فعلوا فأمسك إلى يوم التروية ثم أحرم من البطحاء حين استوت به راحلته بالحج * ومن طريق سعيد بن منصور عن عتاب بن أبي بشر عن خصيف عن مجاهد عن ابن عمر أنه