الكعبة وهذا معدوم وغير موجود، وبطل أن يكون عز وجل أراد ما أحاطت به جدران المسجد الحرام فقط لان المسجد الحرام قد زيد فيه مرة بعد مرة فكأن يكون هذا الحكم ينتقل ولا يثبت، وأيضا فكان لا يكون هذا الحكم إلا لمن أهله في المسجد الحرام، وهذا معدوم غير موجود، فإذ قد بطل هذان الوجهان فقد صح الثالث إذ لم يبق غيره، وأيضا فإنه إذا كان اسم المسجد الحرام يقع على الحرم كله فغير جائز ان يخص بهذا الحكم بعض ما يقع عليه هذا الاسم دون سائر ما يقع عليه بلا برهان، وأيضا فان الله تعالى قد بين علينا فقال: (يريد الله ليبين لكم) فلو أراد الله تعالى بعض ما يقع عليه اسم المسجد الحرام دون بعض لما أهمل ذلك ولبينه، أو لكان الله تعالى معنتا لنا غير مبين علينا ما ألزمنا (1)، ومعاذ الله من أن يظن هذا مسلم، فصح إذ لم يبين الله تعالى انه أراد بعض ما يقع عليه اسم المسجد الحرام دون بعض فلا شك في أنه تعالى أراد كل ما يقع عليه اسم المسجد الحرام، وأيضا فان الله تعالى يقول: (إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا) فلم يختلفوا في أنه تعالى أراد الحرم كله، فلا يجوز تخصيص ذلك بالدعوى، وصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من طريق أبي هريرة. وجابر. وحذيفة (جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا) (2)، فصح أن الحرم مسجد لأنه من الأرض فهو كله مسجد حرام فهو المسجد الحرام بلا شك، والحاضرون هم القاطنون غير الخارجين، فصح أن من كان أهله حاضري المسجد الحرام هم من كان أهله قاطنين في الحرم * (فان قيل): فان من سكن خارجا منه بقربه هم حاضروه قلنا: هذا خطأ، وبرهان فساد هذا القول اننا نسألكم عن تحديد ذلك القرب الذي يكون من هو فيه حاضرا مما يكون من هو فيه غير حاضر، وهذا لا سبيل إلى تفصيله الا بدعوى كاذبة لان الأرض كلها خط بعد خط إلى منقطعها * وروينا من طريق مسلم نا علي بن حجر نا علي بن حجر نا علي بن مسهر عن الأعمش عن إبراهيم ان يزيد التيمي ان أباه قال له: سمعت أبا ذر يقول: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ عن أول مسجد وضع في الأرض فقال: ((المسجد الحرام) (3) * قال أبو محمد: فصح انه الحرم كله بيقين لاشك فيه لان الكعبة لم تبن في ذلك الوقت وإنما بناها إبراهيم. وإسماعيل عليهما السلام، قال عز وجل ت: (وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل) ولم يبن المسجد حول الكعبة الا بعد ذلك بدهر طويل، ولا خلاف
(١٤٨)