قال أبو محمد: وهذا قياس والقياس كله باطل، ثم لو صح لكان هذا منه عين الباطل لأنه لا نسبة بين الحج وبين الطلاق، وإنما انتقلت التي لم تحض إلى العدة بالأقراء لان القرآن جاء بذلك نصا، وبأن عدة المطلقة الأقراء إلا أن التي لم تحض أو يئست من الحيض عدتها الشهور فإذا حاضت فبيقين ندري أنها ليست من اللواتي لم يحضن ولامن اللائي يئسن من الحيض فوجب ان تعتد لما أمرها الله تعالى ان تعتد به من الأقراء، وإنما انتقلت المتوفى عنها زوجها إلى عدة الوفاة لأنها ما دامت في العدة فهي زوجة له وجميع أحكام الزوجية باق عليها وترثه ويرثها، فإذا مات زوجها لزمها ان تعتد أربعة أشهر وعشرا كما أمرها الله تعالى، فظهر تخليط هؤلاء القوم. وجهلهم بالقياس. وخلافهم القرآن بآرائهم * وأما قولنا: ان هذا حكم من كان أهله قاطنين في الحرم بمكة فلان الله تعالى قال (ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام)، ووجدنا الناس اختلفوا * فقال أبو حنيفة:
حاضر والمسجد الحرام هو من كان ساكنا في أحد المواقيت قما بين ذلك إلى مكة، وهو قول روى عن عطاء ولم يصح عنه، وصح عن مكحول * وقال الشافعي: هم من كان من مكة على أربعة برد بحيث لا يقصر الصلاة إلى مكة، وصح هذا عن عطاء * وقال مالك:
هم أهل مكة وذي طوى، وقال سفيان. وداود: هم أهل دور مكة فقط، وصح عن نافع مولى ابن عمر، وعن الأعرج، وروينا عن عطاء. وطاوس أنهم أهل مكة إلا أن طاوسا قال: إذا اعتمر المكي من أحد المواقيت ثم حج من عامه فعليه ما على المتمتع. روينا ذلك من طريق وكيع عن سفيان عن عبد الله بن طاوس عن أبيه * وروينا من طريق عبد الرزاق عن معمر عن الزهري في حاضري المسجد الحرام قال: من كان أهله من مكة على يوم أو نحوه * وقال آخرون: هم أهل الحرم كما روينا من طريق سعيد بن منصور عن إسماعيل بن عياش عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس قال: المسجد الحرام الحرم كله * ومن طريق الحذافي عن عبد الرزاق نا معمر، وسفيان بن عيينة قال معمر: عن رجل عن ابن عباس، وعن عبد الله بن طاوس عن أبيه، وقال سفيان: عن ابن أبي نجيح عن مجاهد، ثم اتفق ابن عباس. وطاوس. ومجاهد في قول الله تعالى: (ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام) قالوا كلهم: هي لمن يكن أهله في الحرم * قال أبو محمد: أما قول أبي حنيفة وأصحابه ففي غاية الفساد وما نعلم لهم حجة الا أنهم قالوا:
وجدنا من كان أهل ما دون المواقيت لا يجوز لهم إذا أرادوا الحج أو المعرة ان يتجاوزوا المواقيت إلا محرمين، وليس لهم ان يحرموا قبلها فصح ان للمواقيت حكما غير حكم ما قبلها