بل لحفظ الشيعة من شر حكام الجور وجباتهم، حيث إنهم كانوا يطالبون الزكاة من غير التسعة أيضا فأراد الأئمة (عليهم السلام) حث الشيعة على أدائها دفعا لشرورهم.
الوجه الرابع: ما احتملناه - وإن أشكل الالتزام به - وهو أن ثروات الناس ومنابع أموالهم تختلف بحسب الأزمنة والأمكنة، ودين الإسلام شرع لجميع البشر ولجميع الأعصار. وذكر في الكتاب العزيز أصل ثبوت الزكاة وخوطب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بقوله - تعالى -: ﴿خذ من أموالهم صدقة﴾ (1). ولم يذكر فيه ما فيه الزكاة بنحو التعيين، بل الجمع المضاف يفيد العموم وفوض بيان ما فيه الزكاة إلى أولياء المسلمين وحكام الحق في كل صقع وكل زمان، وقد وضع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الزكاة على تسعة أشياء لأنها كانت عمدة ثروة العرب في عصره. وجعل أمير المؤمنين (عليه السلام) الزكاة في الخيل.
ففي صحيحة محمد بن مسلم وزرارة، عنهما (عليهما السلام) جميعا، قالا: " وضع أمير المؤمنين (عليه السلام) على الخيل العتاق الراعية في كل فرس في كل عام دينارين وجعل على البراذين دينارا " (2).
وهل يمكن الالتزام في مثل أعصارنا بحصر الزكاة في التسعة المعهودة بالشرائط الخاصة؟! مع أن الذهب والفضة المسكوكين وكذا الأنعام الثلاثة السائمة لا توجد إلا أقل قليل وكأنها منتفية موضوعا، والغلات الأربع في قبال سائر منابع الثروة: من المصانع العظيمة، والتجارات الضخمة المربحة، والأبنية المرتفعة والسفن والسيارات والطيارات والمحصولات الزراعية المتنوعة غير الغلات الأربع، قليلة القيمة جدا. ومصارف الزكاة الثمانية تحتاج إلى أموال كثيرة.