المختار، نعم ربما يؤدب الصبي والمجنون، ولو بحبس ما ولكن الأدب غير العقوبة.
والغرض الأساسي من وضع العقوبات الشرعية ليس هو الانتقام وإرضاء القوة الغضبية، وليست هي أيضا أمورا تعبدية محضة، بل الملاك في تشريعها قلع جذور الفساد وإصلاح الفرد والمجتمع. بل جميع أحكام الله - تعالى - في جميع شؤون الإنسان تابعة للمصالح والمفاسد النفس الأمرية وإن لم نعرفها (1). فعن الرضا (عليه السلام): " إنا وجدنا كل ما أحل الله ففيه صلاح العباد وبقاؤهم ولهم إليه الحاجة التي لا يستغنون عنها، ووجدنا المحرم من الأشياء لا حاجة بالعباد إليه ووجدناه مفسدا داعيا إلى الفناء والهلاك " (2).
وبالجملة: فالعقوبات الشرعية ومنها السجون التعزيرية تستهدف الإصلاح وتحقيق المصالح العامة، لا الانتقام من المجرم وإفنائه أو تحقيره وتحطيم شخصيته ونفسياته.
ولكن من المؤسف عليه أن السجون الرائجة في أعصارنا في أكثر البلاد حتى البلاد الإسلامية ليست على وزان ما يريده الشرع ويحكم به العقل، بل لا تنتج إلا خسارات في الأموال والنفوس.
قال في كتاب " التشريع الجنائي الإسلامي " ما ملخصه:
" المقياس الصحيح لنجاح عقوبة ما هو أثرها على المجرمين والجريمة، فإن نقص عدد المجرمين وقلت الجرائم فقد نجحت العقوبة، وإن زاد عدد المجرمين والجرائم فقد فشلت العقوبة ووجب أن تستبدل بها عقوبة أخرى قمينة