بوجه.
بقي الكلام فيما إذا وجد الاتهام ولم يثبت بعد بالدليل؛ فهل يجوز بمجرد ذلك مزاحمة المتهم وحبسه أو تعزيره للكشف؟ نتعرض لمسائل بنحو الإجمال:
المسألة الأولى - في ضرب المتهم لكشف الجرم في حقوق الناس:
الظاهر أن ضرب المتهم وتعزيره بمجرد الاتهام لكشف ما يحتمل أن يطلع عليه من فعل نفسه أو فعل غيره أو الوقائع الخارجية ظلم في حقه واعتداء عليه، ويخالف هذا حكم الوجدان وسلطة الناس على أنفسهم، وأصالة البراءة عن التهم إلا أن تثبت بالدليل، وما دل من الأخبار على حرمة ضرب الناس وتعذيبهم:
ففي صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: " قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن أعتى الناس على الله - عز وجل - من قتل غير قاتله، ومن ضرب من لم يضربه " (١).
وعنه (عليه السلام) أيضا قال: " لو أن رجلا ضرب رجلا سوطا لضربه الله سوطا من نار " (٢).
أقول: التعرض للناس وضربهم وتعذيبهم بمجرد الاتهام يوجب تزلزل الناس وعدم إحساسهم بالأمن الاجتماعي. وقد نهى الكتاب والسنة عن التجسس ليكون الناس في حياتهم آمنين مطمئنين. قال الله - تعالى -: ﴿ولا تجسسوا﴾ (3).
وعن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: " إن الأمير إذا ابتغى الريبة في الناس أفسدهم " (4).
نعم إذا كان الموضوع في غاية الأهمية كحفظ النظام مثلا بحيث يتنجز مع الاحتمال أيضا وإن كان ضعيفا، وفرض توقفه على تعزير المتهم للكشف، أمكن