الطائفة الثانية ما دلت على التفصيل بين حدود الله وحدود الناس:
كخبر الحسن بن محبوب عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: " من ضربناه حدا من حدود الله فمات فلا دية له علينا، ومن ضربناه حدا من حدود الناس فمات فإن ديته علينا " (1). ومثال حدود الناس حد القذف.
والظاهر أن المراد بكون ديته علينا، كون ديته عليهم بما هم حكام المسلمين، فتكون على بيت مال المسلمين. والأحوط في باب الحدود هو الأخذ بهذا التفصيل جمعا بين الأخبار.
وأما التعازير والتأديبات فالقاعدة الأولية تقتضي الضمان فيها، لقوله (عليه السلام):
" لا يبطل دم امرء مسلم " (2).
ويمكن أن يستدل لعدم الضمان فيها بأصالة البراءة، وبقاعدة الإحسان، وبالأخبار التي مرت بناء على عموم الحد لهما.
ولكن الأحوط هو الحكم بالضمان لا سيما في التأديبات، فإن الأصل لا يقاوم الدليل. والضمان في التعازير على بيت المال لا على الحاكم المحسن. وكون المراد بالحد في الأخبار المذكورة هو الأعم قابل للمنع.
ثم إن هذا كله فيما إذا لم يتعد المنفذ للحكم عن وظيفته، وإلا فهو ضامن قطعا واستقر الضمان على نفسه:
فعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " إن لكل شئ حدا، ومن تعدى ذلك الحد كان له حد ".
وعن أبي جعفر (عليه السلام) قال: " إن أمير المؤمنين (عليه السلام) أمر قنبرا أن يضرب رجلا حدا فغلط قنبر فزاده ثلاثة أسواط، فأقاده علي (عليه السلام) من قنبر بثلاثة أسواط ". وغير