بالإقرار لا بالبينة كان للإمام عفوه، بل مطلقا على قول (1).
وأما التعزيرات فهل يكون تنفيذها واجبا، أو تكون باختيار الإمام، أو فيه تفصيل؟
في المسألة وجوه: قال الشيخ: " التعزير إلى الإمام بلا خلاف، إلا إذا علم أنه لا يردعه إلا التعزير لم يجز له تركه. وإن علم أن غيره يقوم مقامه من الكلام والتعنيف كان له أن يعدل إليه، ويجوز له تعزيره... " (2).
وفي المغني لابن قدامة: " والتعزير فيما شرع فيه التعزير واجب إذا رآه الإمام، وبه قال مالك وأبو حنيفة. وقال الشافعي: ليس بواجب... " (3).
ولكن المستفاد من أكثر الأخبار الواردة في التعزيرات، وكذا من أكثر كلمات الأصحاب وجوب التعزير في موارده بدوا وبالطبع، وإن قلنا بسقوطه إن تاب قبل قيام البينة، وبجواز عفو الحاكم عنه إن كان الثبوت بالإقرار لا بالبينة كما هو الظاهر. فأنت ترى روايات الباب وكلمات الأصحاب مشحونة بقولهم: عزر، أو يعزر، أو أدب، أو يؤدب، أو ضرب، أو يضرب تعزيرا، أو عليه تعزير، أو جلد، أو يجلد ونحو ذلك من الألفاظ التي تكون بصورة الإخبار ويراد بها الأمر قطعا.
وبعض فقهائنا أيضا عبروا بلفظ الوجوب، وحمله على معناه اللغوي، أعني الثبوت خلاف الظاهر:
ففي الغنية: " واعلم أن التعزير يجب بفعل القبيح والإخلال بالواجب الذي لم يرد من الشارع بتوظيف حد عليه... " (4).