البحث في عصمة النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) والأئمة الاثني عشر (عليهم السلام) والأنبياء وأوصيائهم، بحث كلامي اعتقادي، وليس المقام مقام التعرض له. ونحن الشيعة الإمامية نعتقد بذلك للإجماع والأخبار الكثيرة.
وإنما البحث هنا في أنه هل تعتبر العصمة في والي المسلمين مطلقا أم لا؟
ولا يخفى أنه لو قيل بذلك فكأنه صار نقضا لما أثبتناه إلى هنا من ضرورة الحكومة الإسلامية في عصر الغيبة وصلاحية الفقيه لها مع أنه لا يكون معصوما قطعا.
ولا يصح الاستدلال لهذه المسألة المطلقة بالأخبار التي تثبت عصمة الأنبياء وأوصيائهم والأئمة الاثني عشر (عليهم السلام) بالخصوص، ففي بعضها: " الأنبياء وأوصيائهم لا ذنوب لهم لأنهم معصومون مطهرون " (1) وفي بعضها: " علي (عليه السلام) والأئمة من ولده معصومون " (2)، ولا بالأخبار التي يستفاد منها اعتبار العصمة في الإمام بنحو الإطلاق، لأن المراد بالإمام في هذه الأخبار هو الإمام المنصوب من قبل الله - تعالى - ومن قبل النبي (صلى الله عليه وآله) مباشرة باسمه وشخصه.
فمنها خبر سليمان بن مهران، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " عشر خصال من صفات الإمام: العصمة، والنصوص " (3).
وما عن تفسير النعماني، عن علي (عليه السلام): " والإمام المستحق للإمامة له علامات، فمنها أن يعلم أنه معصوم من الذنوب كلها صغيرها وكبيرها " (4).
وعلى هذا نلتزم بعدم اعتبار العصمة في الوالي في عصر الغيبة لعدم دليل نقلي لها ولا يحكم العقل بأزيد من العدالة والأمانة.
وبملاحظة أخرى نقول: إن أصول مسؤوليات الإمام ثلاثة: 1 - بيان أحكام