أخلاقها واختلافها شدة وضعفا وتركيبا وإفرادا كما أشرنا إليه فاختلاف الحيوانات في الحقائق إنما هو لأجل اختلاف الناس في الأخلاق المحمودة والمذمومة وشدتها وضعفها واختلاف تركيبها فإن الأخلاق كلها واردة إليها من المنزل الأول وباب الأبواب الذي هو الإنسان لأنها التي كانت موجودة فيه وصارت منه إليها بانتقال جوهر نفسه الموصوفة بها إليها من غير تعطلها في البين.
وأما بطلان اللازم فلظهور عدم العلاقة اللزومية الموجبة لاتصال وقت فساد البدن الإنساني بوقت كون البدن الحيوان الصامت ومنع ذلك مستندا بأن هذه الأمور مضبوطة بهيئات فلكية غايبة عنا كما يجب في خسارة بعض ربح لبعض بحيث لا يبقى المال بينهما معطلا مكابرة إذ مبناه على مجرد احتمال بعيد إذ مع تمكين هذه الاحتمالات لم يبق لأحد اعتماد في الحكم على شيئين بالملازمة وعلى آخرين بعدمها.
والثانية أنها لو كان التناسخ على ما ذكروه حقا يلزم أن ينطبق عدد الكائنات من الأبدان الحيوانية على عدد الفاسدات من الأبدان الإنسانية وبطلان التالي يوجب بطلان المقدم.
أما بيان حقيقة الشرطية فلأنه لو زادت النفوس على الأبدان لازدحمت عدة منها على بدن واحد فإن لم يتمانع ويتدافع فيكون واحد ذا عدة نفوس وقد تبين بطلانه وإن تمانعت وتدافعت بقيت كلها أو بعضها معطلة ولا معطل في الوجود وإن زادت الأبدان على النفوس فإن تعلقت نفس واحدة بأكثر من بدن واحد لزم أن يكون الحيوان الواحد هو بعينه غيره وإن لم يتعلق فإن حدث لبعض تلك الأبدان نفوس جديدة وللبعض مستنسخة كان ذلك ترجيحا بلا مرجح وإن لم يحدث لبعضها نفوس بقي بعض الأبدان المستعدة للنفس الجديدة بلا نفس والكل محال.
وأما بطلان التالي فلأنه قد يكون الكائنات أكثر من الفاسدات إذ في يوم واحد قد يتولد من النمل ما يزيد على أموات الإنسان في سنين بشيء لا يتقايس فضلا عن