عليك أن تعلم أن البرزخ الذي يكون الأرواح فيها بعد المفارقة من النشأة الدنياوية هو غير البرزخ الذي بين الأرواح المجردة والأجسام لأن تنزلات الوجود ومعارجه دورية والمرتبة التي قبل النشأة الدنياوية هي من مراتب التنزلات ولها الأولية والتي بعدها من مراتب المعارج ولها الأخروية.
وأيضا الصور التي تلحق الأرواح في البرزخ الأخير إنما هي صور الأعمال ونتيجة الأفعال السابقة في الدنيا بخلاف الصور البرزخ الأول فلا يكون أحدهما عين الآخر لكنهما يشتركان في كونهما عالما روحانيا وجوهرا نورانيا غير مادي.
ويؤيده أيضا ما قد صرح في الفتوحات في الباب الحادي والعشرون وثلاثمائة من أن هذا البرزخ غير الأول ويسمى الأول بالغيب الإمكاني والثاني بالغيب المحالي لا مكان ظهور ما في الأول في الشهادة وامتناع رجوع ما في الثاني إليها إلا في الآخرة وقليل من يكاشفه بخلاف الأول ولذلك يشاهد كثير منها ويكاشف البرزخ الأول فيعلم ما يريد أن يقع في العالم الدنياوي من الحوادث ولا يقدر على مكاشفة أحوال الموتى.
وكذا قوله قدس سره في الباب الثالث والستين من الفتوحات المكية بعد تبيين ما يراه الإنسان في المرآة: وإلى مثل هذه الحقيقة يصير الإنسان في نومه وبعد موته فيرى الأعراض صورا قائمة بأنفسها تخاطبه ويخاطبها أجسادا حاملة وأرواحا لا يشك فيها والمكاشف يرى في يقظته ما يراه النائم في حال نومه والميت بعد موته كما يرى في الآخرة صور الأعمال يوزن مع كونها أعراضا ويرى الموت كبشا أملح مع أن الموت نسبة مفارقة عن اجتماع ومن الناس من يدرك هذا التخيل بعين الحس ومنهم من يدركه بعين الخيال أعني في حال اليقظة وأما ما في النوم فبعين الخيال قطعا.
وقوله أيضا: