مذموم في نفسه وضعف ذلك وما ينضم إليه من باقي الأخلاق المحمودة والمذمومة القوية والضعيفة واختلاف تراكيبها الكثيرة التي لا يقدر على حصرها أحد إلا الله تعالى يختلف تعلق نفسه المذمومة ببعض الأنواع من أشباح الحيوانات المذمومة دون غيرها وكذا يختلف تعلقها ببعض أفراد نوع واحد دون الباقي.
ثم إذا زال عنه ذلك الخلق رأسا أو مرتبة شديدة منه انتقلت نفسه بحسب خلق آخر غيره نوعا أو مرتبة إلى بدن نوع آخر من الحيوان المناسب له إلى أن يزول عن نفسه الهيئات الردية بالكلية إن كانت قابلة للزوال وإن لم يكن بقي فيها وفي الأبدان المناسبة لها أحقابا كثيرة إلى ما شاء الله.
وهذه كلها إنما يستصح ويستتم في غير النشأة الدنياوية بل في عالم الآخرة.
فقوله تعالى: كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب إشارة إلى تبديل أبدانهم المثالية على الوجه المذكور لا كما زعمته التناسخية من انتقال النفس في عالم الاستعدادات من مادة البدنية إلى أخرى لاستحالته كما قررناه.
فإن قلت: ما قررت في إبطال التناسخ هو بعينه جار في تعلق النفوس إلى الأبدان في النشأة الأخروية فإن البدن الأخروي إذا استعد لتعلق نفس به فلا بد أن يفيض عليه من الواهب نفس مدبرة إياه فإذا تعلقت هذه النفس المنتقلة عن الدنيا به لزم تعلق نفسين ببدن واحد فما هو جوابك فهو جوابنا.
قلنا: الأبدان الأخروية ليست وجوداتها بسبب استعدادات المواد وحركاتها وتهيئاتها واستكمالاتها المتدرجة الحاصلة لها عن أسباب غريبة ولواحق مفارقة بل هي فائضة بمجرد إبداع الحق الأول إياها بحسب الجهات الفاعلية من غير مشاركة القوابل فكل جوهر مفارق نفساني يلزمه شبح مثالي ينشأ منه بحسب ملكاته وأخلاقه وهيئاته النفسانية بلا مدخلية الاستعدادات والمواد والحركات لحصولها شيئا فشيئا في هذا العالم.
فليس وجود البدن الأخروي متقدما على وجود نفسه بل هما معا في