ذي الظل فإن ذي الظل لا يستكمل بظله ولا ينفعل منه ولا يتغير عن حاله بسببه ولا يلتفت إليه.
فهذه الأحكام التي زعمتها أصحاب التناسخ ثابتة للنفس موجبة لانتقالها إلى بدن آخر عنصري حاصلة لها بعد انتقالها إليه منفسخة بما حققناه من صيرورة نفس في مدة حياتها الطبيعية نوعا متحصلا بالفعل بحسب الحقيقة الباطنية.
فإن قلت: أليس الإنسان نوعا واحدا والنفوس الإنسانية كلها أشخاص نوع واحد.
قلنا: نعم من حيثية ولا من حيثية إذ الإنسان بما هو مركب من مادة عنصرية ذي مزاج معتدل بشري ونفس حافظة لذلك المزاج ومبدإ الفصل وهيئة وصورة لمادته ومدبرة لتدابير الإنسانية وفاعلة لأفعال وأعمال يخصه نوع واحد والنفوس الإنسانية من حيث كونها نفوسا مندرجة تحت نوع واحد من الجهة التي ذكرناها مع قطع النظر عن صيرورة كل منها في منتهى الأمر لأجل الهيئات والملكات التي تصير النفس مصورا بصورة خاصة مباينا للأخرى.
وأما من جهة صيرورة النفس مصورا بصورة عقلية أو آراء جهلية أو هيئات صناعية أو أخلاق سبعية أو ملكات بهيمية فهي لا محالة يصير أنواعا متنوعة وحقائق متخالفة ويتصور بصور متخالفة الهيئات والأشكال في النشأة الثانية لا في هذه النشأة الدنياوية لاستحالته كما قررنا فالنفس ما دامت يكون بالقوة يمكن لها اكتساب أي مرتبة شاءت لمكان استعدادها قبل صيرورتها بالفعل شيئا من الأشياء المتحصلة.
وأما إذا صارت مصورة بصورة فعلية واستحكمت فعليتها ورسوخها وقوى تعلقها ولصوقها بالنفس فاستقرت على تلك المرتبة وبطل عنها استعداد الانتقال من النقص إلى الكمال والتطور من حال إلى حال فإن الرجوع إلى الفطرة الأولى والعود إلى مرتبة التراب والهيولاني كما في