فجميع ما يدركه الإنسان بعد الموت في البرزخ من الأمور بعين الصور التي هو بها في الدنيا.
وقوله أيضا في آخر الباب: وكل إنسان في البرزخ مرهون بكسبه محبوس في صور أعماله إلى أن ينبعث يوم القيامة في النشأة الآخرة.
وأما الحجة الخاصة لإبطال النقل في جهة النزول فهي ثنتان الأولى أنها لو كان ما ذهبوا إليه حقا لزم أن يتصل وقت كل فساد لبدن إنساني بوقت كون بدن لحيوان صامت واللازم باطل فالملزوم كذلك.
أما بيان الملازمة فلما ذهبوا إليه من أن أول منزل للنور الأسفهبد أي الجوهر المجرد النفسي هو الصيصية الإنسانية أي البدن الإنساني الذي خلق تام القوى والآلات وهو باب الأبواب عندهم لحيات جميع الأبدان العنصرية يعني أن حيات جميع الأبدان الحيوانية إنما يكون بانتقال النفوس الإنسانية إلى أبدانها فلا حيوان عند هؤلاء (وهم يوذاسف التناسخي ومن قبله من حكماء بابل وفارس كما هو المشهور) غير الإنسان إلا أنه نسخ البعض وبقي البعض ويستنسخ الباقي في عالم الغرور إن كان من الناقصين أو سترفع إلى عالم النور إن كان من الكاملين.
فأي خلق يغلب على الجوهر النطقي وأية هيئة ظلمانية يتمكن فيه ويركن إليها فيوجب أن ينتقل بعد فساد بدنه إلى بدن مناسب لتلك الهيئة الظلمانية من الحيوانات المنتكسة الرؤس فإن لكل خلق كما مر أبدان أنواع يختص بذلك الخلق ولكل باب منهم جزء مقسوم أي لكل بدن من الحيوانات التي هي أبواب الجحيم وهي عالم العناصر عندهم قدر مخصوص من الخلق المتعلق ببدن ذلك النوع من الحيوان فإن بدن الخنزير والنمل وإن اشتركا في خلق الحرص إلا أن حرص النمل ليس كحرص الخنزير وكذا لا يكون حرص بعض أشخاص كل منهما كحرص الباقي وقس عليه سائر دنائم