ذلك فغير لائق بالجود الإلهي منع المستحق عن كماله.
والجواب أن لكل نوع من الأنواع الحيوانية بل النباتية ملكا هاديا وعقلا ملهما له إلى خصائص أفعاله متصلا به نحوا من الاتصال وهو رب طلسمه ومقوم ماهيته وذو عناية بأفراد نوعه واختلافها في الشرف والخسة لأجل اختلاف مباديها وأرباب طلسماتها في شدة النورية وضعفها وقربها من نور الأنوار وبعدها منه وأما على طريقة المشائين فغرائب إدراكات بعض الحيوانات وتحريكاتها إنما يكون بمعاونة قوى فلكية وإلهامات سماوية ويجوز أن يصدر عن قوى جرمية بمناسبات مزاجية حركات إدراكية كحال الإبل وتلذذه بالسمعيات.
وعلى تقدير أن يكون لها نفوس غير منطبعة متوجه نحو كمالها فكون كمالاتها لا بد وأن يكون عقلانيا غير معلوم فإن كثيرا من الناس ليس لهم في النشأة الآخرة درجة عقلية ولهم مع ذلك لذات وكمالات مثالية وابتهاجات ظنية هي الغاية القصوى من الكمال في حقهم إذ لا شوق لهم في العقليات ولا لهم نصيب من الملكوت الأعلى.
إنما المحال منع المستحق عما يستحقه وعن الكمال اللائق في حقه لا الكمال المطلق والخير المحض إذ ربما لم يناسبه ولا يستعده ولا يشتاقه.
ثم على تسليم أن لها استعداد نحو الكمال العقلي فلا نسلم أن ذلك يستدعي اجتيازها إلى الدرجة الإنسانية وتخطيها إياها فإن الطريق إلى الله وإلى صقع ملكوته لا ينحصر في واحد.
ومنها التشبث بكلمات الأوائل من الحكماء كأفلاطون ومن سبقه من الأساطين وبإشارات الأنبياء المعصومين عن الغلط والخطاء وبآيات الصحيفة الإلهية كقول القائل الحق:
كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب.
وقوله: لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ثم رددناه أسفل سافلين وقوله: ما من دابة في الأرض