المبدأ والمعاد - صدر الدين محمد الشيرازي - الصفحة ٤٤٧
الوجود كمعية الظل وذي الظل فكما أن الشخص والظل أحدهما لم يحصل الاستعداد من الآخر لوجوده بل على سبيل التبعية واللزوم فهكذا قياس الأبدان الأخروية مع نفوسها المتعلقة بها.
فإن قلت: النصوص القرآنية دالة على أن البدن الأخروي لكل إنسان هو بعينه هذا البدن الدنياوي له.
قلنا نعم ولكن من حيث الصورة لا من حيث المادة والكيفية والمقدار وغيرها من العوارض المادة والشيء إنما يتم بصورته لا بمادته وكذا الكلام في أعضاء شخص واحد كيف وقد ورد أن أهل الجنة جرد مرد وأن ضرس الكافر مثل جبل أحد إلى غير ذلك مما يدل على أن البدن الأخروي ليس هو بعينه البدن الدنياوي من حيث الشكل والمقدار وغيرهما بل من حيث الذات والصورة.
فكما أن جهة الاتحاد في بدن شخص واحد من الصبيان إلى الشيخوخة مع تبدل الصورة والهيئات بل كثير من الأعضاء والأدوات هي النفس ومرتبة مبهمة من المادة غاية الإبهام.
ولذا يقال لمن جنى في الشباب فعوقب في المشيب أنه عوقب الجاني لا غيره فكذلك جهة الوحدة في البدن الدنياوي والبدن الأخروي هي النفس الناطقة وضرب من المادة فلذا يثاب النفس ويعاقب باللذات والآلام الجسمانية لأجل ما صدر عنها من عمل الطاعة وارتكاب المعصية بهذه الأعضاء والجوارح.
والكلام في تشخص الأعضاء من حيث هي أعضاء لشخص واحد هو ما ذكرناه بعينه وسيأتي زيادة تحقيق لهذا المقام في موضعه إن شاء الله العزيز.
ومنها أن العالم الذي فيه الآفات والعاهات والشرور والنقائص هو هذا العالم العنصري دون غيره من العوالم لأنه أكثفها وأكدرها وأدونها فإن أشرف العوالم عالم العقول ثم النفوس ثم الأشباح ثم الأجرام وأكثف الأجرام هي الأرض ثم باقي العناصر والمركبات الحاصلة منها فينبغي أن يكون هي
(٤٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 442 443 444 445 446 447 448 449 450 451 452 ... » »»
الفهرست