النجباء وهم ثمانية في كل زمان لا يزيدون ولا ينقصون وهم الذين تبدو منهم وعليهم إعلام القبول من أحوالهم وإن لم يكن لهم في ذلك اختيار لكن الحال يغلب عليهم ولا يعرف ذلك منهم إلا من هو فوقهم لا من هو دونهم وهم أهل علم الصفات الثمانية السبع المشهورة والإدراك الثامن ومقامهم الكرسي لا يتعدوه ما داموا نجباء ولهم القدم الراسخة في علم تسيير الكواكب من جهة الكشف والاطلاع لا من جهة الطريقة المعلومة عند العلماء بهذا الشأن والنقباء هم الذين حازوا علم الفلك التاسع والنجباء حازوا علم الثمانية الأفلاك التي دونه وهي كل فلك فيه كوكب ومنهم رضي الله عنهم الحواريون وهو واحد في كل زمان لا يكون فيه اثنان فإذا مات ذلك الواحد أقيم غيره وكان في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم الزبير بن العوام هو كان صاحب هذا المقام مع كثرة أنصار الدين بالسيف فالحواري من جمع في نصرة الدين بين السيف والحجة فأعطى العلم والعبارة والحجة وأعطى السيف والشجاعة والإقدام ومقاومة التحدي في إقامة الحجة على صحة الدين المشروع كالمعجزة التي للنبي فلا يقوم بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بدليله الذي يقيمه على صدقه فيما ادعاه إلا حواريه فهو يرث المعجزة ولا يقيمها الأعلى صدق نبيه صلى الله عليه وسلم هذا مقام الحواري ويبقى عليها اسم المعجزة أعني على تلك الدلالة فإنه يقترن بها مع الحواري ما يقترن بها مع النبي صلى الله عليه وسلم ويضيفها إلى النبي كما يضيفها النبي إلى نفسه ولا يسمى مثل هذا كرامة لولي لأنه ما كان معجزة النبي على حدها وشمول لوازمها لا يكون ذلك أبدا كرامة لولي وإلى هذا ذهب الأستاذ أبو إسحاق الأسفراييني ولكن على غير هذا الوجه الذي أومأنا إليه فإن أبا إسحاق يحيل وقوع عين الفعل المعجز وأكثر المتكلمين لا يحيله أن يكون كرامة لا على طريق الإعجاز فإذا وقع من الشخص على حد ما وقع من النبي بطريق الإعجاز لصدق ذلك النبي من هذا التابع فإنه يقع ولا بد وهذا لا يكون إلا من الحواري خاصة فمن ظهر منه مثل هذا على حد ما رسمناه فهو حواري ذلك العصر وقد رأيناه في زماننا سنة ست وثمانين وخمسمائة فهذا هو المسمى بالحواري ومنهم رضي الله عنهم الرجبيون وهم أربعون نفسا في كل زمان لا يزيدون ولا ينقصون وهم رجال حالهم القيام بعظمة الله وهم من الأفراد وهم أرباب القول الثقيل من قوله تعالى إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا وسموا رجبيون لأن حال هذا المقام لا يكون لهم إلا في شهر رجب من أول استهلال هلاله إلى انفصاله ثم يفقدون ذلك الحال من أنفسهم فلا يجدونه إلى دخول رجب من السنة الآتية وقليل من يعرفهم من أهل هذا الطريق وهم متفرقون في البلاد ويعرف بعضهم بعضا منهم من يكون باليمن وبالشام وبديار بكر لقيت واحدا منهم بدنيسير من ديار بكر ما رأيت منهم غيره وكنت بالأشواق إلى رؤيتهم ومنهم من يبقى عليه في سائر السنة أمر ما مما كان يكاشف به في حاله في رجب ومنهم من لا يبقى عليه شئ من ذلك وكان هذا الذي رأيته قد أبقى عليه كشف الروافض من أهل الشيعة سائر السنة فكان يراهم خنازير فيأتي الرجل المستور الذي لا يعرف منه هذا المذهب قط وهو في نفسه مؤمن به يدين به ربه فإذا مر عليه يراه في صورة خنزير فيستدعيه ويقول له تب إلى الله فإنك شيعي رافضي فيبقى الآخر متعجبا من ذلك فإن تاب وصدق في توبته رآه إنسانا وإن قال له بلسانه تبت وهو يضمر مذهبه لا يزال يراه خنزيرا فيقول له كذبت في قولك تبت وإذا صدق يقول له صدقت فيعرف ذلك الرجل صدقه في كشفه فيرجع عن مذهبه ذلك الرافضي ولقد جرى لهذا مثل هذا مع رجلين عاقلين من أهل العدالة من الشافعية ما عرف منهما قط التشيع ولم يكونوا من بيت التشيع أداهما إليه نظرهما وكانا متمكنين من عقولهما فلم يظهرا ذلك وأصرا عليه بينهما وبين الله فكانا يعتقدان السوء في أبي بكر وعمر ويتغالون في علي فلما مرا به ودخلا عليه أمر بإخراجهما من عنده فإن الله كشف له عن بواطنهما في صورة خنازير وهي العلامة التي جعل الله له في أهل هذا المذهب وكانا قد علما من نفوسهما أن أحدا من أهل الأرض ما اطلع على حالهما وكانا شاهدين عدلين مشهورين بالسنة فقالا له في ذلك فقال أراكما خنزيرين وهي علامة بيني وبين الله فيمن كان مذهبه هذا فأضمرا التوبة في نفوسهما فقال لهما إنكما الساعة قد رجعتما عن ذلك المذهب فإني أراكما إنسانين فتعجبا من ذلك وتابا إلى الله وهؤلاء الرجبيون أول يوم يكون في رجب يجدون كأنما
(٨)