(بسم الله الرحمن الرحيم) ومنهم رضي الله عنهم أربعون شخصا على قلب نوح عليه السلام في كل زمان لا يزيدون ولا ينقصون هكذا ورد الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الطبقة أن في أمته أربعين على قلب نوح عليه السلام وهو أول الرسل والرجال الذين هم على قلبه صفتهم القبض ودعاؤهم دعاء نوح رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنا وللمؤمنين والمؤمنات ولا تزد الظالمين إلا تبارا ومقام هؤلاء الرجال مقام الغيرة الدينية وهو مقام صعب المرتقى فإنه صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال إن الله غيور ومن غيرته حرم الفواحش فثبت من هذا الخبر أن الفاحشة هي فاحشة لعينها ولهذا حرمها قيل لمحمد عليه السلام قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن أي ما علم وما لم يعلم إلا بالتوقيف لغموض إدراك الفحش فكل محرم حرمه الله على عباده فهو فحش وما هو عين ما أحله في زمان آخر ولا في شرع آخر فهذا هو الذي بطن علمه فإن الخمر التي أحلت له ما هي التي حرمت عليه ومنع من شربها فعلل الأحكام قد تكون أعيان الأشياء ومذاهب أهل الكلام في ذلك مختلفة والذي يعطيه الكشف تقرير المذهبين فإن المكاشف يحكم بحسب الحضرة التي منها يكاشف فإنها تعطيه بذاتها ما هي عليه ومن هنا كان مقام الغيرة مقام حيرة صعب المرتقى ولا سيما والحق وصف بها نفسه على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم وهي من صفات القلوب والباطن وهي تستدعي إثبات المغاير ولا غير على الحقيقة إلا أعيان الممكنات من حيث ثبوتها لا من حيث وجودها فالغيرة تظهر من ثبوت أعيان الممكنات وعدم الغيرة من وجود أعيان الممكنات فالله غيور من حيث قبول الممكنات للوجود فمن هناك حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن وما ثم إلا ظاهر أو باطن والغيرة قد انسحبت على الجميع ثم إنها في جبلة الحيوانات ولا يشعر لحكمها فمن غار عقلا كان مشهده ثبوت الأعيان ومن غار شرعا كان مشهوده وجود الأعيان وهؤلاء الأربعون هم رجال هذا المقام وحقيقة مقام ميقات موسى أربعون ليلة لهؤلاء الأربعين فالليل منها لما بطن والنهار منها لما ظهر فتم ميقات ربه أربعين ليلة فأضاف الميقات إلى الرب فعلمنا إن قوله صلى الله عليه وسلم والله أغير مني أن الاسم الله هنا يريد به الاسم الرب لأنه لا يصح أن يطلق الاسم الله من غير تقييد من طريق المعنى فإن الأحوال تقيد هذا الإطلاق باسم خاص يطلبه الحال فالغيرة للاسم الرب وإن وصف بها الاسم الله ولما كانت المكالمة والتجلي عقيب تمامها لذلك ظهر بتمام هؤلاء الأربعين رجل في العالم مقامه مقام أبيه نوح فإنه الأب الثاني على ما ذكر وكل ما تفرق في هؤلاء الأربعين اجتمع في نوح كما أنه كلما تفرق في الثلثمائة اجتمع في آدم وعلى معارج هؤلاء الأربعين عملت الطائفة الأربعينيات في خلواتهم لم يزيدوا على ذلك شيئا وهي خلوات الفتح عندهم ويحتجون على ذلك بالخبر المروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من أخلص لله أربعين صباحا ظهرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه كما كانت المكالمة في التجلي عن مقدمة الميقات الأربعيني الرباني ومنهم رضي الله عنهم سبعة على قلب الخليل إبراهيم عليه السلام لا يزيدون ولا ينقصون في كل زمان ورد به الخبر المروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعاؤهم دعاء الخليل رب هب لي حكما وألحقني بالصالحين ومقامهم السلامة من جميع الريب والشكوك وقد نزع الله الغل من صدورهم في هذه الدنيا وسلم الناس من سوء ظنهم إذ ليس لهم سوء ظن بل ما لهم ظن فإنهم أهل علم صحيح فإن الظن أنما يقع ممن لا علم له فيما لا علم له به بضرب من الترجيح فلا يعلمون من الناس إلا ما هم عليه الناس من الخير وقد أرسل الله بينهم وبين الشرور التي هم عليها الناس حجابا وأطلعهم على النسب التي بين الله وبين عباده ونظر الحق إلى عباده بالرحمة التي أوجدهم بها فكل خير في الخلق من تلك الرحمة فذلك هو المشهود لهم من عباد الله ولقد لقيتهم يوما وما رأيت أحسن سمتا منهم علما وحلما إخوان صدق على سرر متقابلين قد عجلت لهم جناتهم المعنوية الروحانية في قلوبهم مشهودهم من الخلق تصريف الحق من حيث هو وجود لا من حيث تعلق حكم به ومنهم رضي الله عنهم خمسة على قلب جبريل عليه السلام لا يزيدون ولا ينقصون في كل زمان ورد بذلك الخبر المروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم هم ملوك أهل هذه
(١٠)