الأعلى على علو مراتبهم أحدهم على قلب محمد صلى الله عليه وسلم والآخر على قلب شعيب عليه السلام والثالث على قلب صالح عليه السلام والرابع على قلب هود عليه السلام ينظر إلى أحدهم من الملأ الأعلى عزرائيل وإلى الآخر جبريل وإلى الآخر ميكائيل وإلى الآخر إسرافيل أحدهم بعبد الله من حيث نسبة العماء إليه والثاني يعبد الله من حيث نسبة العرش إليه والثالث يعبد الله من حيث نسبة السماء إليه والرابع يعبد الله من حيث نسبة الأرض إليه فقد اجتمع في هؤلاء الأربعة عبادة العالم كله شأنهم عجيب وأمرهم غريب ما لقيت فيمن لقيت مثلهم لقيتهم بدمشق فعرفت أنهم هم وقد كنت رأيتهم ببلاد الأندلس واجتمعوا بي ولكن لم أكن أعلم أن لهم هذا المقام بل كانوا عندي من جملة عباد الله فشكرت الله على أن عرفني بمقامهم وأطلعني على حالهم ومنهم رضي الله عنهم أربعة وعشرون نفسا في كل زمان يسمون رجال الفتح لا يزيدون ولا ينقصون بهم يفتح الله على قلوب أهل الله ما يفتحه من المعارف والأسرار وجعلهم الله على عدد الساعات لكل ساعة رجل منهم فكل من يفتح عليه في شئ من العلوم والمعارف في أي ساعة كانت من ليل أو نهار فهو لرجل تلك الساعة وهم متفرقون في الأرض لا يجتمعون أبدا كل شخص منهم لازم مكانه لا يبرح أبدا فمنهم باليمن اثنان ومنهم ببلاد الشرق أربعة ومنهم بالمغرب ستة والباقي بسائر الجهات آيتهم من كتاب الله تعالى ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وآية الأربعة الذين ذكرناهم قبل هؤلاء باقي الآية وهو قوله تعالى وما يمسك فلا مرسل له من بعده وهو العزيز الحكيم مع أن قدم أولئك في قوله خلق سبع سماوات طباقا الآية ومنهم رضي الله عنهم سبعة أنفس يقال لهم رجال العلى في كل زمان لا يزيدون ولا ينقصون هم رجال المعارج العلى لهم في كل نفس معراج وهم أعلى عالم الأنفاس آيتهم من كتاب الله تعالى وأنتم الأعلون والله معكم يتخيل بعض الناس من أهل الطريق أنهم الأبدال لما يرى أنهم سبعة كما يتخيل بعض الناس في الرجبيين أنهم الأبدال لكونهم أربعين عند من يقول إن الأبدال أربعون نفسا ومنهم من يقول سبعة أنفس وسبب ذلك أنهم لم يقع لهم التعريف من الله بذلك ولا بعدد ما لله في العالم في كل زمان من العباد المصطفين الذين يحفظ الله بهم العالم فيسمعون إن ثم رجالا عددهم كذا كما إن ثم أيضا مراتب محفوظه لا عدد لأصحابها معين في كل زمان بل يزيدون وينقصون كالأفراد ورجال الماء والأمناء والأحباء والأخلاء وأهل الله والمحدثين والسمراء والأصفياء وهم المصطفون فكل مرتبة من هذه المراتب محفوظة برجال في كل زمان غير أنهم لا يتقيدون بعدد مخصوص مثل من ذكرناهم وسأذكر إذا فرغنا من رجال العدد هذه المراتب وصفة رجالها فإنا لقينا منهم جماعة ورأينا أحوالهم فهؤلاء السبعة أهل العروج لهم كما قلنا في كل نفس معراج إلى الله لتحصيل علم خاص من الله فهم مع النفس الصاعد خاصة ولله رجال هم مع النفس الرحماني النازل الذي به حياتهم وغذاؤهم وهم أحد وعشرون نفسا ومنهم رضي الله عنهم أحد وعشرون نفسا وهم رجال التحت الأسفل وهم أهل النفس الذي يتلقونه من الله لا معرفة لهم بالنفس الخارج عنهم وهم على هذا العدد في كل زمان لا يزيدون ولا ينقصون آيتهم من كتاب الله تعالى ثم رددناه أسفل سافلين يريد عالم الطبيعة إذ لا أسفل منه رده إليه ليحيا به فإن الطبع ميت بالأصالة فأحياه بهذا النفس الرحماني الذي رده إليه لتكون الحياة سارية في جميع الكون لأن المراد من كل ما سوى الله أن يعبد الله فلا بد أن يكون حيا وجودا ميتا حكما فيجمع بين الحياة والموت ولهذا قال له أو لا يذكر الإنسان إنا خلقناه من قبل ولم يك شيئا فيريد منك في شيئيتك أن تكون معه كما كنت وأنت لا هذه الشيئية فلهذا قلنا حيا وجودا وميتا حكما وهؤلاء الرجال لا نظر لهم إلا فيما يرد من عند الله مع الأنفاس فهم أهل حضور مع الدوام ومنهم رضي الله عنهم ثلاثة أنفس وهم رجال الإمداد الإلهي والكوني في كل زمان لا يزيدون ولا ينقصون فهم يستمدون من الحق ويمدون الخلق ولكن بلطف ولين ورحمة لا بعنف ولا شدة ولا قهر يقبلون على الله بالاستفادة ويقبلون على الخلق بالإفادة فيهم رجال ونساء قد أهلهم الله للسعي في حوائج الناس وقضائها عند الله لا عند غيره وهم ثلاثة لقيت واحدا منهم بإشبيلية وهو من أكبر من لقيته يقال له موسى بن عمران سيد وقته كان أحد الثلاثة لم يسأل أحدا حاجة من خلق الله ورد في الخبر أن النبي صلى الله
(١٣)