فكيف الأمر فيه فدتك نفسي * فخص العبد بالعلم الغريب قال رب هذا المنزل إن الصلاة الوسطى أجرها مقرون إذا لم تصل في جماعة بأجر من وتر أهله وماله وقد قال العدل عيسى عليه السلام قلب كل إنسان حيث ما له فاجعلوا أموالكم في السماء تكن قلوبكم في السماء أي تصدقوا وإلى هنا انتهت معرفة هذا العدل وقال الصادق المؤتى جوامع الكلم رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم الصدقة تقع بيد الرحمن فيربيها فيكون قلب العبد حيث ما له وإن حيثيته يد الرحمن وأين يد الرحمن من السماء فقد أجمع العدلان على إن المال له من القلب مكانة علية وأما الأهل من زوج وولد فلا خفاء على ذي لب أنهم منوطون بالفؤاد فأما الزوجة فقد جعل الله بينها وبين بعلها المودة والرحمة والسكون إليها والسكون صفة مطلوبة للأكابر وهي الطمأنينة قال إبراهيم بلي ولكن ليطمئن قلبي أي يسكن إلى الوجه الذي يحيي به الموتى ويتعين لي إذ الوجوه لذلك كثيرة فسكن إليه سكونا لا يشوبه تحير ولا تشويش يعني في معرفة الكيفية فانظر بماذا قرن النبي صلى الله عليه وسلم من فاتته صلاة العصر وسبب ذلك أن أوائل أوقات الصلوات الأربع محدودة إلا العصر فإنها غير محدودة وإن قاربت الحد من غير تحقيق فقربت من التنزيه عن تقييد الحدود إذ كان المغرب محدودا بغروب الشمس وهو محقق محسوس والعشاء محدود أوله بمغيب الشفق وهو محقق محسوس أي شفق كان على الخلاف المعلوم فيه والفجر محدود أوله بالبياض المعترض في الأفق المستطير لا المستطيل وهو محقق محسوس والظهر محدود بزوال الشمس وفئ الظل وهو محقق محسوس ولم يأت مثل هذه الحدود في العصر فتنزهت عن الحدود المحققة فجعل النبي صلى الله عليه وسلم وقتها أن تكون الشمس مرتفعة بيضاء نقية والحد الوارد في ذلك ما يكون في الظهور مثل سائر حدود أوقات الصلوات فعظم قدرها النبي صلى الله عليه وسلم للمناسبة في نفي تحقيق الحدود وكذلك حب المال والأهل لا يضبطه حد يقول القائل في الولد وإنما أولادنا بيننا * أكبادنا تمشي على الأرض فأنزل الولد منزلة النفس وكما لا يفنى الإنسان في حبه نفسه للقرب المفرط الذي ما يكون مثله قرب إليه البتة كذلك لا يفنى الإنسان في حب ولده ولا ماله ولا أهله لأنه منوط بقلبه بمنزلة نفسه للقرب المفرط يخفى ذلك فيه فإن اتفق أن يطلق امرأته وقد كان حبه إياها كامنا فيه لا يظهر لإفراط القرب أخذه الشوق إليها وهام فيها وحن إليها لبعدها عن ذلك القرب المفرط لتعلق الشوق والوجد بها ولهذا يفنى العاشق في معشوقه الأجنبي لأنه ليس له ذلك القرب الظاهر الذي يحول بينه وبين الاشتياق إليه ولقرب الحق من قلوب العارفين بالعلم المحقق الذوقي الذي وجدوه لهذا صحوا ولم يهيموا فيه هيمان المحبين لله من كونه تجلى لهم في جمال مطلق وتجليه للعلماء به في كمال مطلق وأين الكمال من الجمال فإن الأسماء في حق الكامل تتمانع فيؤدي ذلك التمانع إلى عدم تأثيرها فيمن هذه صفته فيبقى منزها عن التأثير مع الذات المطلقة التي لا تقيدها الأسماء ولا النعوت فيكون الكامل في غاية الصحو كالرسل وهم أكمل الطوائف لأن الكامل في غاية القرب يظهر به في كمال عبوديته مشاهدا كمال ذات موجدة وإذا تحققت ما قلناه علمت أين ذوقك من ذوق الرجال الكمل الذين اصطفاهم الله فيه واختارهم منه ونزههم عنه فهم وهو كهو وهم فسماه الكامل منهم العصر لأنه ضم شئ إلى شئ لاستخراج مطلوب فضمت ذات عبد مطلق في عبوديته لا يشوبها ربوبية بوجه من الوجوه إلى ذات حق مطلق لا يشوبها عبودية أصلا بوجه من الوجوه من اسم إلهي بطلب الكون فلما تقابلت الذاتان بمثل هذه المقابلة كان المعتصر عين الكمال للحق والعبد وهو كان المطلوب الذي له وجد العصر فإن فهمت ما أشرنا إليه فقد سعدت وألقيتك على مدرجة الكمال فارق فيها ولهذا المعنى الإشارة في نظمنا في أول الباب صلاة العصر ليس لها نظير لضم الشمل فيها بالحبيب وبعد أن أبنت لك مرتبة الكمال فلنبين لك من هذا المنزل قيام الواحد مقام الجماعة وهو عين الإنسان الكامل فإنه أكمل من عين مجموع العالم إذ كان نسخة من العالم حرفا بحرف ويزيد أنه على حقيقة لا تقبل التضاؤل حين قبلها أرفع الأرواح الملكية إسرافيل فإنه يتضاءل في كل يوم سبعين مرة حتى يكون كالوضع أو كما قال والتضاؤل لا يكون إلا عن
(٦١٥)