كان ظهور الحكم في الجسم للروح فظهرت منه الأفعال والحركات من أجل روحه وكان روحه غيبا لأن الواو لا وجود لها في الشهادة لأنها حذفت لسكونها وسكون النون فهي تعمل من خلف الحجاب فهي غائبة العين ظاهرة الحكم فغاية حبنا إياه أن نعلم حقيقة ما حبنا هل هو صفة نفسية للمحب أو معنوية فيه أو نسبة بين المحب والمحبوب وهي العلاقة التي تجذب المحب لطلب الوصلة بالمحبوب فقلنا هي صفة نفسية للمحب فإن قيل نراها تزول قلنا من المحال زوالها إلا بزوال المحب من الوجود والمحب لا يزول من الوجود فالمحبة لا تزول وإنما الذي يعقل زواله إنما هو تعلقه بمحبوب خاص يمكن أن يزول ذلك التعلق الخاص وتزول تلك العلاقة بذلك المحبوب المعين وتتعلق بمحبوب آخر وهي متعلقة بمحبوبين كثيرين فتنقطع العلاقة بين المحب ومحبوب خاص وهي موجودة في نفسها فإنها عين المحب فمن المحال زوالها فالحب هو نفس المحب وعينه لا صفة معنى فيه يمكن أن ترتفع فيرتفع حكمها فالعلاقة هي النسبة بين المحب والمحبوب والحب هو عين المحب لا غيره فصف بالحب من شئت من حادث وغيره فليس الحب سوى عين المحب فما في الوجود إلا محب ومحبوب لكن من شأن المحبوب أن يكون معدوما ولا بد فيجب إيجاد ذلك المعدوم أو وقوعه في موجود ولا بد لا في معدوم هذا أمر محقق لا بد منه فالعلاقة التي في المحب إنما هي في ذلك الموجود الذي يقبل وجود ذلك المحبوب أو وقوعه لا وجوده إذا كان المحبوب لا يمكن أن يتصف بالوجود ولكن يتصف بالوقوع مثال ذلك أن يحب إنسان إعدام أمر موجود لما في وجوده من الضرر في حقه كالألم فإنه أمر وجودي في المتألم فيحب إعدامه فمحبوبه الإعدام وهو غير واقع فإذا زال الألم فأزالته عدمه بعد وجوده بانتقاله إلى العدم فلهذا قلنا في مثل هذا بالوقوع لا بالوجود فالمحبوب معدوم أبدا ولا تصح محبة الموجود جملة واحدة إلا من حيث العلاقة إذ لا تتعلق إلا بموجود يظهر فيه وجود ذلك المحبوب المعدوم وقد بيناه قبل هذا في هذا الباب فقد تبين لك في هذه التكملة ماهية الحب وبدؤه وغايته وبما أحب المحب وحبه لمحبوبه أو لنفسه كل ذلك قد تبين فلنعدل إلى الكلام في الوصل الثاني إن شاء الله تعالى فقد حصل في الحب الإلهي ما فيه غنية على قدر الوقت انتهى الجزء الثاني عشر ومائة (بسم الله الرحمن الرحيم) (الوصل الثاني) في الحب الروحاني وهو الحب الجامع في المحب أن يحب محبوبه لمحبوبه ولنفسه إذ كان الحب الطبيعي لا يحب المحبوب إلا لأجل نفسه فاعلم أن الحب الروحاني إذا كان المحب موصوفا بالعقل والعلم كان بعقله حكيما وبحكمته عليما فرتب الأمور ترتيب الحكمة ولم يتعد بها منازلها فعلم إذا أحب ما هو الحب وما معنى المحب وما حقيقة المحبوب وما يريد من المحبوب وهل لمحبوبه إرادة واختيار فيحب ما يحب المحبوب أم لا إرادة له فلا يحب إلا لنفسه أو الموجود الذي لا يريد وجود محبوبه إلا في عين ذلك الموجود فبهذا القدر نقول في الموجود إنه محبوب وإن لم يكن إلا فيه لا عينه فذلك الموجود إن كان ممن يتصف بالإرادة فيمكن أن يحبه له لا لنفسه وإن لم يتصف بالإرادة فلا يحب المحب محبوبه إلا لنفسه أعني لنفس المحب لا لمحبوبه فإن محبوبه غير موصوف بأن له محبة في شئ أو غرضا لكن الذي يوجد فيه هذا المحبوب قد يكون ذا إرادة فيتعين على المحب أن يحب محبوب ذلك الموجود فيحبه له ولكن بحكم التبع هذا تعطيه المحبة فإن المحب يطلب بذاته الوصلة بعد طلبه وجود محبوبه فإن عين وجود محبوبه عين وصلته لا بد من ذلك وهو قولنا زمان الوجود زمان الوصال * زمان الوداد كلوا واشربوا وهذا البيت من قصيدة لنا في مجلي حقيقة تجلت لنا في حضرة شهودية وهي تعجبت من زينب في الهوى * وليس لنا غيرها مذهب فلما تجلى لنا نور من * أنار الحشي فانجلى الغيهب بذلت لها نفسها ضنة * بها والهوى أبدا متعب فلم يك بين حصول الهوى * ونيل المنى أمد يضرب لأنه عندما يحصل الهوى يقع التنفس والتنهد فيخرج النفس بشكل ما تصور في نفس المحب من صورة المحبوب
(٣٣٢)