فذاك اسم من تهواه إن كنت عالما * وهذا من العلم المضاف إلى البخل فإن كنت ذا فهم فلا تبتغي سوى * مثلثة التربيع جامعة الشمل فثليثها بيت وبيت مصحف * لها حسن إدلال يدل على دلى فبيت إلى لعين عين وثم بيت لماجد * هما أهل بيت للسماحة والبذل وأوله حرف نزيه مسبع * من الستة الأعلام من أحرف الفصل وهذا ألطف ما يكون من المحبة ودونه حب الحب وهو الشغل بالحب عن متعلقة جاءت ليلى إلى قيس وهو يصيح ليلى ليلى ويأخذ الجليد ويلقيه على فؤاده فتذيبه حرارة الفؤاد فسلمت عليه وهو في تلك الحال فقالت له أنا مطلوبك أنا بغيتك أنا محبوبك أنا قرة عينك أنا ليلى فالتفت إليها وقال إليك عني فإن حبك شغلني عنك وهذا ألطف ما يكون وأرق في المحبة ولكن هو دون ما ذكرناه في اللطف وكان شيخنا أبو العباس العريبي رحمه الله يسأل الله أن يرزقه شهوة الحب لا الحب واختلف الناس في حده فما رأيت أحدا حده بالحد الذاتي بل لا يتصور ذلك فما حده من حده إلا بنتائجه وآثاره ولوازمه ولا سيما وقد اتصف به الجناب العزيز وهو الله وأحسن ما سمعت فيه ما حدثنا به غير واحد عن أبي العباس ابن العريف الصنهاجي قالوا سمعناه يقول وقد سئل عن المحبة فقال الغيرة من صفات المحبة والغيرة تأبى إلا الستر فلا تحد واعلم أن الأمور المعلومات على قسمين منها ما يحد ومنها ما لا يحد والمحبة عند العلماء بها المتكلمين فيها من الأمور التي لا تحد فيعرفها من قامت به ومن كانت صفته ولا يعرف ما هي ولا ينكر وجودها واعلم أن كل حب لا يحكم على صاحبه بحيث أن يصمه عن كل مسموع سوى ما يسمع من كلام محبوبه ويعميه عن كل منظور سوى وجه محبوبه ويخرسه عن كل كلام إلا عن ذكر محبوبه وذكر من يحب محبوبه ويختم على قلبه فلا يدخل فيه سوى حب محبوبه ويرمي قفله على خزانة خياله فلا يتخيل سوى صورة محبوبه إما عن رؤية تقدمته وإما عن وصف ينشئ منه الخيال صورة فيكون كما قيل خيالك في عيني وذكرك في فمي * ومثواك في قلبي فأين تغيب فيه يسمع وله يسمع وبه يبصر وله يبصر وبه يتكلم وله يتكلم ولقد بلغ بي قوة الخيال إن كان حبي يجسد لي محبوبي من خارج لعيني كما كان يتجسد جبريل لرسول الله ص فلا أقدر أنظر إليه ويخاطبني وأصغى إليه وأفهم عنه ولقد تركني أياما لا أسيغ طعاما كلما قدمت لي المائدة يقف على حرفها وينظر إلي ويقول لي بلسان أسمعه بإذني تأكل وأنت تشاهدني فامتنع من الطعام ولا أجد جوعا وامتلئ منه حتى سمنت وعبلت من نظري إليه فقام لي مقام الغذاء وكان أصحابي وأهل بيتي يتعجبون من سمني مع عدم الغذاء لأني كنت أبقى الأيام الكثيرة لا أذوق ذواقا ولا أجد جوعا ولا عطشا لكنه كان لا يبرح نصب عيني في قيامي وقعودي وحركتي وسكوني واعلم أنه لا يستغرق الحب المحب كله إلا إذا كان محبوبه الحق تعالى أو أحدا من جنسه من جارية أو غلام وأما ما عدى من ذكرته فإنه لا يستغرقه حبه إياه وإنما قلنا ذلك لأن الإنسان لا يقابل بذاته كلها إلا من هو على صورته إذا أحبه فما فيه جزء إلا وفيه ما يماثله فلا تبقي فيه فضلة يصحو بها جملة واحدة فيهيم ظاهره في ظاهره وباطنه في باطنه ألا ترى الحق قد تسمى بالظاهر والباطن فتستغرق الإنسان المحبة في الحق وفي أشكاله وليس ذلك فيما سوى الجنس من العالم فإنه إذا أحب صورة من العالم إنما يستقبله بالجزء المناسب ويبقى ما بقي من ذاته صاحية في شغلها وأما استغراق حبه إذا أحب الله فلكونه على صورته كما ورد في الخبر فيستقبل الحضرة الإلهية بذاته كلها ولهذا تظهر فيه جميع الأسماء الإلهية ويتخلق بها من ليست عنده صفة الحب وبكونها من عنده صفة الحب فلهذا يستغرق الإنسان الحب وإذا تعلق بالله وكان الله محبوبه فيفني في حبه في الحق أشد من فنائه في حب أشكاله فإنه في حب أشكاله فاقد في غيبته ظاهر المحبوب وإذا كان الحق هو المحبوب فهو دائم المشاهدة ومشاهدة المحبوب كالغذاء للجسم به ينمي ويزيد فكلما زاد مشاهدة زاد حبا ولهذا الشوق يسكن باللقاء والاشتياق يهيج باللقاء وهو الذي يجده العشاق عند الاجتماع
(٣٢٥)