يكن لها رجل تسعى به فصورتها لشكلها عصا صورة الحيات فلما خاف منها للصورة قال له الحق خذها ولا تخف وهذا هو خوف الفجاة إذ كان ثم قال له سنعيدها الضمير يعود على العصا سيرتها الأولى فجواهر الأشياء متماثلة وتختلف بالصور والأعراض والجوهر واحد أي ترجع عصا مثل ما كانت في ذاتها وفي رأى عينك كما كانت حية في ذاتها وفي رأى عينك ليعلم موسى من يرى وما يرى وبمن يرى وهذا تنبيه إلهي له ولنا وهو الذي قاله عليم سواء من أن الأعيان لا تنقلب فالعصا لا تكون حية ولا الحية عصا ولكن الجوهر القابل صورة العصا قبل صورة الحية فهي صور يخلعها الحق القادر الخالق عن الجوهر إذا شاء ويخلع عليه صورة أخرى فإن كنت فطنا فقد نبهتك على علم ما تراه من صور الموجودات وتقول هو ضروري من كونك لا تقدر على إنكاره وقد بان لك أن الاستحالات محال ولله أعين في بعض عباده يدركون بها العصا حية في حال كونها عصا وهو إدراك إلهي وفينا خيالي وهكذا في جميع الموجودات سواء انظر لولا قوة الحس ما قلت هذا جماد لا يحس ولا ينطق وما به من حياة وهذا نبات وهذا حيوان يحس ويدرك وهذا إنسان يعقل هذا كله أعطاه نظرك ويأتي شخص آخر يقف معك فيرى ويسمع تسليم الجمادات والنبات و الحيوان عليه وكلا الأمرين صحيح وبالقوة التي تستدل بها على إنكار ما قاله هذا بها بعينها يستدل هذا الآخر فكل واحد من الشخصين دليله عين دليل الآخر والحكم مختلف فوالله ما زالت حية عصا موسى وما زالت عصا كل ذلك في نفس الأمر لم تخط رؤية كل واحد ما هو الأمر عليه في نفسه وقد رأينا ذلك وتحققناه رؤية عين فهو الأول والآخر من عين واحدة وهو في التجلي الأول لا غيره وهو في التجلي الآخر لا غيره فقل إله وقل عالم وقل أنا وقل أنت وقل هو والكل في حضرة الضمائر ما برح وما زال فزيد يقول في حقك هو وعمرو يقول عنك أنت وأنت تقول عنك أنا فإنا عين أنت وعين هو وما هو أنا عين أنت ولا عين هو فاختلفت النسب وهنا بحور طامية لا قعر لها ولا ساحل وعزة ربي لو عرفتم ما فهت به في هذه الشذور لطربتم طرب الأبد ولخفتم الخوف الذي لا يكون معه أمن لأحد تدكدك الجبل عين ثباته وإفاقة موسى عين صعقته انظر إلى وجهه في كل حادثة من الكيان ولا تعلم به أحدا أيها التابع المحمدي لا تغفل عما نبهتك عليه ولا تبرح في كل صورة ناظرا إليه فإن المجلى أجلي ثم أخذ بيده البرجيس وجاء به إلى صاحب النظر فعرفه ببعض ما يليق به مما علمه التابع من علم موسى بما يختص من تأثيرات الحركات الفلكية في النشآت العنصرية لا غير فارتحلا من عنده المحمدي على رفرف العناية وصاحب النظر على براق الفكر ففتح لهما السماء السابعة وهي الأولى من هناك على الحقيقة فتلقاه إبراهيم الخليل ع وتلقى صاحب النظر كوكب كيوان فأنزله في بيت مظلم قفر موحش وقال له هذا بيت أخيك يعني نفسه فكن به حتى آتيك فإني في خدمة هذا التابع المحمدي من أجل من نزل عليه وهو خليل الله فجاء إليه فوجده مسندا ظهره إلى البيت المعمور والتابع جالس بين يديه جلوس الابن بين يدي أبيه وهو يقول له نعم الولد البار فسأله التابع عن الثلاثة الأنوار فقال هي حجتي على قومي آتانيها الله عناية منه بي لم أقلها أشرا كالكن جعلتها حبالة صائد أصيد بها ما شرد من عقول قومي ثم قال له أيها التابع ميزا المراتب واعرف المذاهب وكن على بينة من ربك في أمرك ولا تهمل حديثك فإنك غير مهمل ولا متروك سدى اجعل قلبك مثل هذا البيت المعمور بحضورك مع الحق في كل حال واعلم أنه ما وسع الحق شئ مما رأيت سوى قلب المؤمن وهو أنت فعند ما سمع صاحب النظر هذا الخطاب قال يا حسرتي على ما فرطت في جنب الله وإن كنت لمن الساخرين وعلم ما فاته من الايمان بذلك الرسول واتباع سنته ويقول يا ليتني لم أتخذ عقلي دليلا ولا سلكت معه إلى الفكر سبيلا وكل واحد من هذين الشخصين يدرك ما تعطيه الروحانيات العلى وما يسبح به الملأ الأعلى بما عندهما من الطهارة وتخليص النفس من أسر الطبيعة وارتقم في ذات نفس كل واحد منهما كل ما في العالم فليس يخبر إلا بما شاهده من نفسه في مرآة ذاته فحكاية الحكيم الذي أراد أن يرى هذا المقام للملك فاشتغل صاحب التصوير الحسن بنقش الصور على أبدع نظام وأحسن إتقان واشتغل الحكيم بجلاء الحائط الذي يقابل موضع الصور وبينهما ستر معلق مسدل فلما فرع كل واحد
(٢٧٨)