للتابع حصل لصاحب النظر فما يزداد صاحب النظر إلا غما على غم وما يصدق متى ينقضي سفره ويرجع إلى بدنه فإنهم في هذا السفر مثل النائم فيما يرى في نومه وهو يعرف أنه في النوم فلا يصدق متى يستيقظ ليستأنف العمل ويستريح من غمه وإنما يتقلق خوفا مما حصل له في سفره أن يقبض فيه فلا يصح له ترق بعد ذلك فهذا هو الذي يزعجه والتابع ليس كذلك فإنه يرى الترقي بصحبة حيث كان من ذلك الوجه الخاص الذي لا يعرفه إلا صاحب هذا الوجه فإذا أقاما في هذه السماء ما شاء الله وأخذا في الرحلة وودع كل واحد منهما نزيله وارتقيا في معراج الأرواح إلى السماء الثانية وفي هذه السماء الأولى هو النائب السابع الإلهي الموكل بالنطفة الكائنة في الأرحام التي تظهر فيها هذه النشأة الإنسانية وهو يتوكل بها في الشهر السابع من سقوط النطفة والطفل في هذا الشهر الجنين يزيد وينمو في بطن أمه بزيادة القمر ويذبل وتقل حركته في بطن أمه في نقص القمر وذلك هو العلامة فإن ولد في هذا الشهر لم يكن في القوة مثل الذي يولد في الشهر السادس فإذا فرعا السماء الثانية وفتحت لهما صعدا فنزل التابع عند عيسى ع وعنده يحيى ابن خالته ونزل صاحب النظر عند الكاتب فلما أنزله الكاتب عنده وأكرم مثواه اعتذر إليه وقال له لا تستبطئني فإني في خدمة عيسى ويحيى ع وقد نزل بهما صاحبك فلا بد لي من الوقوف عندهما حتى أرى ما يأمراني به في حق نزيلهما فإذا فرغت من شأنه رجعت إليك فيزيد صاحب النظر غما إلى غمه وندامة حيث لم يسلك مسلك صاحبه ولا ذهب في مذهبه فأقام التابع عند ابني الخالة ما شاء الله فأوقفاه على صحة رسالة المعلم رسول الله ص بدلالة إعجاز القرآن فإنها حضرة الخطابة والأوزان وحسن مواقع الكلام وامتزاج الأمور وظهور المعنى الواحد في الصور الكثيرة ويحصل له الفرقان في مرتبة خرق العوائد ومن هذه الحضرة يعلم علم السيمياء الموقوفة على العمل بالحروف والأسماء لا على البخورات والدماء وغيرها ويعرف شرف الكلمات وجوامع الكلم وحقيقة كن واختصاصها بكلمة الأمر لا بكلمة الماضي ولا المستقبل ولا الحال وظهور الحرفين من هذه الكلمة مع كونها مركبة من ثلاثة ولما ذا حذفت الكلمة الثالثة المتوسطة البرزخية التي بين حرف الكاف وحرف النون وهي حرف الواو الروحانية التي تعطي ما للملك في نشأة المكون من الأثر مع ذهاب عينها ويعلم سر التكوين من هذه السماء وكون عيسى يحيي الموتى وانشاء صورة الطير ونفخه في صورته وتكوين الطائر طائرا هل هو بإذن الله أو تصوير عيسى خلق الطير ونفخه فيه هو بإذن الله وبأي فعل من الأفعال اللفظية يتعلق قوله بإذني وبإذن الله هل العامل فيه يكون أو تنفخ فعند أهل الله العامل فيه يكون وعند مثبتي الأسباب وأصحاب الأحوال العامل فيه تنفخ فيحصل لمن دخل هذه السماء واجتمع بعيسى ويحيى علم ذلك ولا بد ولا يحصل ذلك لصاحب النظر وأعني حصول ذوق وعيسى روح الله ويحيى له الحياة فكما أن الروح والحياة لا يفترقان كذلك هذان النبيان عيسى ويحيى لا يفترقان لما يحملانه من هذا السر فإن لعيسى من علم الكيمياء الطريقين الإنشاء وهو خلقه الطير من الطين والنفخ فظهر عنه الصورة باليدين والطيران بالنفخ الذي هو النفس فهذه طريقة الإنشاء في علم الكيمياء الذي قدمناه في أول الباب والطريق الثانية إزالة العلل الطارئة وهو في عيسى إبراء الأكمه والأبرص وهي العلل التي طرأت عليهما في الرحم الذي هو من وظيفة التكوين فمن هنا يحصل لهذا التابع علم المقدار والميزان الطبيعي والروحاني لجمع عيسى بين الأمرين ومن هذه السماء يحصل لنفس هذا التابع الحياة العلمية التي يحيي بها القلوب كقوله أو من كان ميتا فأحييناه وهي حضرة جامعة فيها من كل شئ وفيها الملك الموكل بالنطفة في الشهر السادس ومن هذه الحضرة يكون الإمداد للخطباء والكتاب لا للشعراء ولما كان لمحمد ص جوامع الكلم خوطب من هذه الحضرة وقيل ما علمناه الشعر لأنه أرسل مبينا مفصلا والشعر من الشعور فمحله الإجمال لا التفصيل وهو خلاف البيان ومن هنا تعلم تقليبات الأمور ومن هنا توهب الأحوال لأصحابها وكلما ظهر في العالم العنصري من النيرنجيات الأسمائية فمن هذه السماء وأما القلقطيرات فمن غير هذه الحضرة ولكن إذا وجدت فأرواحها من هذه السماء لا أعيان صورها الحاملة لأرواحها فإذا حصل علم هذه الكائنات وسرعة الأحياء فيها من شأنه أن لا يقبل ذلك إلا في الزمان الطويل فإن ذلك من علم عيسى لا من الأمر الموحى به في ذلك الفلك
(٢٧٤)