أخباره مع إبراهيم بن علي ابن هرمة مر شئ منها في ترجمة ابن هرمة ج 4 وفي الأغاني بسنده عن ابن ربيح راوية ابن هرمة قال: أصابت ابن هرمة أزمة فقال لي في يوم حار إذهب فتكار حمارين إلى ستة أميال ولم يسم موضعا فركب واحدا وركبت واحدا ثم سرنا حتى صرنا إلى قصور الحسن بن زيد ببطحاء ابن أزهر فدخلنا مسجده فلما مالت الشمس خرج علينا مشتملا على قميصه فقال لمولى له أذن فاذن ولم يكلمنا كلمة ثم قال له أقم فأقام فصلى بنا ثم أقبل على ابن هرمة فقال مرحبا بك يا أبا إسحاق حاجتك؟ قال نعم بأبي أنت وأمي أبيات قلتها وقد كان عبد الله وحسن وإبراهيم بنو حسن بن حسن وعدوه شيئا فاخلفوه فقال هاتها فقال:
أما بنو هاشم حولي فقد قرعوا * نبل الضباب التي جمعت في قرن فما بيثرب منهم من أعاتبه * إلا عوائد أرجوهن من حسن الله أعطاك فضلا من عطيته * على هن وهن فيما مضى وهن قال: حاجتك؟ قال: لابن أبي مضرس علي خمسون ومائة دينار فقال لمولى له يا هيثم اركب هذه البغلة فائتني بابن أبي مضرس وذكر حقه فما صلينا العصر حتى جاء به فقال له مرحبا بك يا ابن أبي مضرس أمعك ذكر حقك على ابن هرمة قال نعم قال فامحه فمحاه ثم قال يا هيثم بع ابن أبي مضرس من تمر الخانقين بمائة وخمسين دينارا وزده على كل دينار ربع دينار وكل ابن هرمة بخمسين ومائة دينار تمرا وكل ابن ربيح بثلاثين دينارا تمرا فانصرفنا من عنده فلقيه محمد بن عبد الله بن حسن بالسيالة وقد بلغه الشعر فغضب لأبيه وعمومته فقال أي ماض بظر أمه أنت القائل على هن وهن فيما مضى وهن قال لا والله ولكني الذي أقول لك:
لا والذي أنت منه نعمة سلفت * نوجو عواقبها في آخر الزمن لقد اتيت بأمر ما عمدت له * ولا تعمده قولي ولا سنني فكيف امشي مع الأقوام معتدلا * وقد رميت برئ العود بالابن ما غيرت وجهه أم مهجنة * إذا القتام تغشى أوجه الهجن قال وأم الحسن بن زيد أم ولد اه. ومن هنا يعلم أن ابن هرمة كان ينافق مع الطرفين فإذا مدح الحسن بن زيد عرض بأبناء عمه عبد الله وحسن وإبراهيم أبناء الحسن المثنى لان بينهم وبينه شئ وإذا مدح محمد بن عبد الله بن حسن عرض بالحسن بن زيد بان أمه أمة قال: فلما قال ابن هرمة هذا الشعر في حسن بن زيد يعني الذي فيه على هن وهن فيما مضى وهن قال عبد الله بن حسن والله ما أراد الفاسق غيري وغير أخوي حسن وإبراهيم وكان عبد الله يجري على ابن هرمة رزقا فقطعه عنه وغضب عليه فاتاه يعتذر فنحي وطرد فسال رجالا أن يكلموه فردهم فيئس من رضاه واجتنبه وخافه فمكث ما شاء الله ثم مر عشية وعبد الله على زريبة في ممر المنبر ولم تكن تبسط لاحد غيره في ذلك المكان فلما رأى عبد الله تضاءل وتقنفذ وتصاغر وأسرع المشي فكان عبد الله رق له فامر به فرد عليه فقال يا فاسق يا شارب الخمر على هن وهن تفضل الحسن علي وعلى أخوي فقال بأبي أنت وأمي ورب هذا القبر ما عنيت إلا فرعون وهامان وقارون أفتغضب لهم فضحك وقال والله ما أحسبك الا كاذبا وأمر بان ترد عليه جاريته اه.
والحسن بن زيد المترجم كان يعادي ابن عمه عبد الله وإخوته وأولاده كما مر في جوابه عنهم للمنصور فلذلك قبل من ابن هرمة أن يقول فيهم ما قال. وروى هذه القصة الخطيب في تاريخ بغداد بتفاوت عما في الأغاني فروى بسنده عن راوية ابن هرمة قال بعث إلي ابن هرمة في وقت الهاجرة صر إلى فصرت إليه فقال اكتر حمارين إلى أربعة أميال من المدينة أين شئنا فقلت هذا وقت الهاجرة وأرض المدينة سبخة فامهل حتى نبرد قال لا لان لابن جبر الحناط علي مائة دينار قد منعتني القائلة وضيقت على عيالي فاكتريت حمارين فركبنا فمضيت معه حتى انتهينا إلى الحمراء قصر الحسن بن زيد فصادفناه يصلي العصر فاقبل على ابن هرمة فقال ما جاء بك في هذا الوقت والحر شديد فقال لابن جبر الحناط علي مائة دينار قد منعتني القائلة وضيقت على عيالي وقد قلت شعرا فاسمعه مني قال قل فأنشأ يقول:
أما بنو هاشم حولي فقد رفضوا * نيلي الصباب التي جمعت في قرن فما بيثرب منهم من أعاتبه * إلا عوائد أرجوهن من حسن الله أعطاك فضلا من عطيته * على هن وهن فيما مضى وهن فقال يا غلام إفتح باب تمرنا فبع منه بمائة دينار واحضر ابن جبر الحناط وليكن معه ذكر دينه وماله على ابن هرمة فحضر فاخذ منه ذكر دينه فدفعه إلى ابن هرمة وسلم إلى ابن جبر مائة دينار وقال يا غلام بع بمائة دينار أخرى وادفعها إلى ابن هرمة يستعين بها على حاله فقال له ابن هرمة يا سيدي مر لي بحمل ثلاثين حمارا تمرا لعيالي قال يا غلام افعل ذلك فانصرفا من عنده فقال لي ويحك لرأيت نفسا أكرم من هذه النفس أو راحة أندى من هذه الراحة فانا لنسير على السيالة إذا غامز قد غمز ابن هرمة فالتفت إليه فإذا هو عبد الله بن حسن بن حسن فقال يا دعي الأدعياء أتفضل علي وعلى أبي الحسن بن زيد فقال والله ما فعلت هذا اه. وفي الأغاني بسنده عن محمد بن جعفر الصادق ع قال دخلت مع أبي على المنصور بالمدينة وهو جالس في دار مروان فلما اجتمع الناس قام ابن هرمة فقال يا أمير المؤمنين جعلني الله فداءك شاعرك وصنيعتك إن رأيت أن تأذن لي في الإنشاد قال هات فأنشده قوله فيه سرى ثوبه عنك الصبا المتخايل حتى إنتهى إلى قوله:
له لحظات عن حفافي سريره * إذا كرها فيها عقاب ونائل فأم الذي آمنت آمنة الردى * وأم الذي خوفت بالثكل ثاكل فقال له المنصور أما لقد رأيتك في هذه الدار قائما بين يدي عبد الواحد بن سليمان تنشده قولك فيه:
وجدنا غالبا كانت جناحا * وكان أبوك قادمة الجناح فقطع ابن هرمة حتى ما قدر على الاعتذار فقال له المنصور أنت رجل شاعر طالب خير وكل ذلك يقوله الشاعر وقد أمر لك أمير المؤمنين بثلاثمائة دينار فقام إليه الحسن بن زيد فقال يا أمير المؤمنين إن ابن هرمة رجل منفاق متلاف فان رأى أمير المؤمنين أن يأمر له بها ويجري عليه ما يكفيه ويكفي عياله فعل فقال افعلوا ذلك به وإنما فعل به الحسن بن زيد هذا لأنه كان مغضبا عليه لقوله يمدح عبد الله بن حسن: