لا على الوجه المزبور الذي قد ينافيه قول الصادق (عليه السلام) (1) " إن الصوم لا يكون للمصيبة " إلى آخره. لكن فيه - مع أنه مناف لظاهر اتفاق الأصحاب ومعلومية حصر الحرمة في غيره - إن أقصى ما يستفاد من هذه النصوص الكراهة خصوصا بعد جمعه مع الاثنين ومع يوم عرفة، كمعلومية أن المذموم والمنهي عنه اتخاذه كما يتخذه المخالفون والتبرك به واظهار الفرح والسرور فيه، لا أن المنهي عنه مطلق صومه وأنه كالعيد وأيام التشريق وإلا لم يكن ليخفى مثل ذلك على زرارة ومحمد بن مسلم حتى يسألا عنه، ضرورة حينئذ كونه كصوم العيدين، نعم قد يقال بنفي التأكد عنه لمشاركته في الصورة لا عداء الله وإن اختلفت النية، بل لعل ذلك إنما يكون إذا لم يتمكن من افطاره ولو للتقية، فينوي فيه الوجه المزبور لا مطلقا، خصوصا مع ملاحظة خبر عبد الله بن سنان (2) عن الصادق (عليه السلام) قال: " دخلت عليه يوم عاشوراء فألفيته كاسف اللون ظاهر الحزن، ودموعه تنحدر كاللؤلؤ المتساقط، فقلت يا بن رسول الله (صلى الله عليه وآله) مم بكاؤك لا أبكى الله عينيك، فقال لي: أو في غفلة أنت؟ أما علمت أن الحسين (عليه السلام) أصيب في مثل هذا اليوم؟ فقلت يا سيدي فما قولك في صومه؟ قال لي صمه من غير تبييت وأفطره من غير تشميت، ولا تجعله صوم يوم كملا، وليكن إفطارك بعد صلاة العصر بساعة على شربة من ماء، فإنه في ذلك الوقت من ذلك اليوم تجلت الهيجاء عن آل الرسول الله (صلى الله عليه وآله) وانكشف الملحمة عنهم " وخصوصا بعد ما روي (3) عن
(١٠٨)