لئلا يتخذ صومه سنة وليتأسى به الناس، فلما قبض كنت أنا الإمام فأردت أن لا يتخذ صومي سنة فيتأسى الناس بي " ولعله على ذلك ينزل خبر محمد بن مسلم (1) " سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لم يصم يوم عرفة منذ نزل صيام شهر رمضان " وعلى أن المراد لم يصمه بعنوان الوجوب، أو لأنه يضعفه عن الدعاء، فإن الذي يظهر من النصوص أن الدعاء فيه أفضل من صومه قال محمد بن مسلم (2) " سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن صوم يوم عرفة فقال:
من قوي عليه فحسن إن لم يمنعك من الدعاء فإنه يوم دعاء ومسألة فصمه وإن خشيت أن تضعف عن ذلك فلا تصمه " وقال سدير (3) " سألته أيضا عن صوم يوم عرفة فقلت: جعلت فداك إنهم يزعمون أنه يعدل صوم السنة قال: كان أبي لا يصومه، قلت: ولم ذاك جعلت فداك؟ قال: إنه يوم دعاء مسألة، وأتخوف أن يضعفني عن الدعاء وأكره أن أصومه، وأتخوف أن يكون يوم عرفة يوم أضحى وليس بيوم صوم " ومنه يعلم الوجه في اعتبار تحقق الهلال في استحباب صومه: كما أنه يمكن أن يكون الترك من بعض أئمتنا (عليهم السلام) لصومه لغلبة كونه عيدا في تلك الأزمنة كما عن الصادق (عليه السلام) (4) " أنه لما قتل الحسين (عليه السلام) أمر الله ملكا ينادي أيتها الأمة الظالمة القاتلة عترة نبيها لا وفقكم الله لصوم ولا فطر " وفي حديث آخر (5) " لا وفقكم الله لفطر ولا أضحى " بل مقتضاه كالخبر السابق كراهية صومه في الحالين المزبورين المنزل عليهما