ضرورة كون كل منهما دينا، واحتمال سقوط المنذورة لأنه واجب بدني كما في المدارك مناف لما يظهر من الأدلة من كونه واجبا ماليا، سواء تعلق به خطاب الأصل أو خطاب النذر كما أوضحنا ذلك سابقا، نعم قد يشكل القسمة بينهما في حال القصور مع فرض عدم حصول كل منهما بما يخصه بعدم الفائدة في التقسيم المزبور، وبامكان ترجيح حج الاسلام بوجوبها بأصل الشرع، والتفريط في تأخيرها لوجوب المبادرة بها، وما سمعته من صحيح ضريس، ولكن يستحب قضاء المنذورة عنه للخبرين (1) وعن ظاهر أبي علي الوجوب، ولعله لذا جزم في القواعد بخروج المنذورة من الأصل كحج الاسلام، وبقسمة التركة بينهما أي مع سعتها لهما، ثم قال: ولو اتسعت لأحدهما خاصة قدمت حجة الاسلام، بل حكاه شارحه عن النهاية والمبسوط والسرائر والجامع والاصباح، بل وعن المصنف في الكتاب، بل قال: " لا فرق بين تقدم النذر على استقرار حجة الاسلام وتأخره عنها، وكذا إن وجبتا من البلد واتسعت التركة لأحدهما منه وللأخرى ومن الميقات أخرجت حجة الاسلام من البلد والمنذورة من الميقات، إلا أن يدخل السير من البلد في النذر، فيقوى العكس، لأصالة وجوبه حينئذ فيها، وفي حجة الاسلام من باب المقدمة " قلت: لكن ظاهر المصنف عدم ترجيح إحداهما على الأخرى، فتوزع التركة عليهما ولو لبعض الأفعال فيهما، كما أن ظاهره عدم العمل بالصحيح المزبور فيما تضمنه حيث إنه - بعد أن أشار إليه بقوله: (وفي الرواية إذا نذر أن يحج رجلا ومات وعليه حجة الاسلام أخرجت حجة الاسلام من الأصل وما نذره من الثلث) - قال: (والوجه التسوية، لأنهما دين) كما صرح به في ذيل الخبر المزبور، ومنه يظهر نوع اضطراب فيه، هذا، وقد تقدم سابقا ما له نفع في المقام، فلاحظ وتأمل.
(٤٠٩)