الغير إلا أنه مع عدم شموله لجميع ما ذكر لعدم صدق الحاجة أو الشك قد عرفت تقييدها في النصوص بعدم البد منها الذي يجب حمل المطلق عليه، ولا أقل من الشك في جملة من الأمور أنها، من الحوائج التي لا بد منها أو أن مبناه ما أشرنا إليه من كون التعارض في أكثرها أو جميعها من وجه، والترجيح لها فتوى جماعة من الأصحاب بل جميعهم في الجملة، وبأنه كالواجبات في هذا التعارض، فكما يخرج لما يطرأ من الواجبات مع أن التعارض بينها من وجه أيضا فكذا هذه المندوبات، وباشتمال النصوص على بعضها المحتمل أو المظنون أو المعلوم فيه المثالية، وبأن ظاهر استدلال الحسن بن علي (عليهما السلام) ترجيح كل ما كان من هذا القبيل على الاعتكاف، أو غير ذلك.
إلا أنه لا يخفى عليك بعد ذلك كله رجحان الاحتياط الذي هو ساحل بحر الهلكة في كل ما هو غير منصوص ولم يعلم إلحاقه به، كما أنه لا يخفى عليك تقييد ذلك كله بما إذا لم يستلزم محو صورة الاعتكاف، وإلا بطل على كل حال، ولذا وجب خروج المرأة من المسجد لو حاضت في أثناء الاعتكاف، والمريض الذي لا يسعه اللبث، وكذا غيرهما من ذوي الأعذار التي ينمحي صورة الاعتكاف معها، ويجب عليهم حينئذ استئناف الاعتكاف مع وجوبه، وإلا فلا وعليه ينزل إطلاق بعض الأصحاب وجوب العود إلى الاعتكاف، كاطلاق قول الصادق (عليه السلام) في صحيح ابن الحجاج (1): " إذا مرض المعتكف أو طمنت المرأة المعتكفة فإنه يأتي بيته ثم يعيد إذا برئ ويصوم " وقوله (عليه السلام) في خبر أبي بصير (2): " في المعتكفة إذا طمثت قال: ترجع إلى بيتها، فإذا طهرت