منزلة القطع بالواقع الحقيقي (1).
الثالث: - وهو ما ذكره المحقق الأصفهاني - ان يراد بها مجموع الدلالتين، فان الدليل إذا دل على التعبد بأحد الجزئين يدل اقتضاء على التعبد بالجزء الاخر. اما ان أي شئ نزل منزلة الجزء الاخر فهذا لا يرتبط بالعقل، بل العرف يحكم به بحسب ما يراه مناسبا. ففيما نحن فيه إذا دل الدليل على التعبد بالواقع فهو يدل اقتضاء على التعبد بالقطع، والعرف هو الذي يحكم بان ما نزل منزلة القطع هو القطع بالواقع الجعلي (2).
ولا يخفى: ان الوجه على جميع احتمالاته غير تام - مع قطع النظر عن اشكال صاحب الكفاية عليه - لأنه..
ان أريد به استلزام التعبد بالواقع للتعبد بالقطع بدلالة الاقتضاء، ففيه:
ان هذا لو تم في نفسه فإنما يتم لو كان دليل التعبد بالواقع دليلا خاصا، بحيث إذا لم نلتزم بالتعبد بالجزء الآخر كان لغوا، لا ما إذا كان مطلقا لا يلزم من عدم الالتزام بالتعبد بالجزء الاخر سوى عدم شموله للمورد مع شموله لموارد أخرى، وما نحن فيه كذلك، إذ دليل اعتبار الاستصحاب والامارة مطلق يشمل هذا المورد وغيره في نفسه لكنه لا يشمله فعلا لتوقفه على مؤونة زائدة لا تثبت بالاطلاق.
ولعل هذا الوجه هو الذي دعا إلى تفسير الملازمة في كلام الكفاية بالملازمة العرفية. ومنه ظهر الاشكال في الوجه الثالث.
وان أريد بالملازمة الاستلزام العرفي، ففيه: انها مجرد دعوى بلا شاهد عليها من الوجدان، إذ لا يرى العرف والوجدان هذه الملازمة. فتدبر.
* (هامش) (1) الواعظ محمد سرور. مصباح الأصول 2 / 41 - الطبعة الأولى.
الكاظمي الشيخ محمد علي. فوائد الأصول 3 / 28 طبعة مؤسسة النشر الاسلامي.
(2) الأصفهاني المحقق الشيخ محمد حسين. نهاية الدراية 2 / 21 - الطبعة الأولى. (*)