لا يعرض على الفعل بما هو حرام أو واجب، بل بما هو هو. فالاكراه على شرب الخمر بما هو لا عليه بما أنه حرام.
والآخر: ان المشتق لا وجود له بالذات، وانما الموجود بالذات هو ذات الموضوع ومبدأ المحمول، فعنوان الحرام لا وجود له بالذات، بل الموجود بالذات هو الحرمة والخمر مثلا. وإذا لم يكن العنوان الاشتقاقي موجودا بالذات، بل كان موجودا بالعرض لم يتعلق الجهل به بالذات أيضا، بل المجهول بالذات، إما ذات الموضوع كالخمر أو مبدأ المحمول كالحرمة. واما الفعل الحرام، فالجهل به ليس امرا وراء أحد النحوين من الجهل بالذات. وإذا كان العنوان مجهولا بالعرض امتنع أن يراد من الموصول الفعل بما أنه حرام، إذ الظاهر أن المراد مما لا يعلمون ما لا يعلمونه حقيقة لا ما لا يعلمونه عرضا (1).
أقول: الايراد الأول لا إشكال فيه.
وأما الايراد الثاني، فهو ممنوع، فان كون العنوان الاشتقاقي مما لا يوجد الا بالعرض ولا يوجد بالذات ولا يكون من المقولات لا ينافي تعلق الجهل به بالذات وحقيقة، بل الجهل حقيقة يتعلق به بما له من الوجود ولو بواسطة الجهل بما هو الموجود بالذات، فان الأمور الانتزاعية قابلة لتعلق الجهل والعلم بها حقيقة، كيف؟ وهي تقبل النفي والاثبات حقيقة، بل قد يحاول إقامة البرهان على ثبوتها أو نفيها كاثبات إمكان العالم، فان الامكان من الأمور الانتزاعية مع أنه يتعلق للنفي والاثبات ويبرهن عليه في محله.
وإذا أمكن تعلق النفي والاثبات وتواردهما على الامر الانتزاعي أمكن تعلق العلم والجهل به كما لا يخفى.
و بالجملة: المطلب واضح لا يحتاج إلى مزيد بيان.