الثاني: أن يراد من الموصول الفعل، ويراد من الجهل به الأعم من الجهل به بنفسه أو بوصفة، وهو الحكم.
وأورد عليه المحقق الأصفهاني: بأن وصف الشئ بالجهل بلحاظ الجهل بوصفه من وصف الشئ بحال المتعلق، وهو خلاف الظاهر، فان الظاهر من قوله: " ما لا يعلمون " انه لا يعلمونه بنفسه من الوصف بحال الشئ، لا أنه لا يعلمونه بحكمه من الوصف بحال المتعلق.
ثم إنه استشكل على نفسه: بان العلم التصديقي والجهل التصديقي لا يتعلقان بالمفردات، بل انما يتعلقان بالمركبات وثبوت شئ لشئ، فالفعل بنفسه لا يتعلق به الجهل التصديقي، وانما يتعلق الجهل بثبوت الوصف له، والجهل به تصديقا يرجع إلى ذلك.
وعليه، فلا فرق بين الجهل بثبوت الخمرية للمائع والجهل بثبوت الحرمة لشرب التتن من هذه الجهة، وإنما الفرق بينهما ان عنوان الخمرية ذاتي وعنوان الحرمة عرضي وهو ليس بفارق فيما نحن فيه.
وأجاب عنه: بان المراد بالفعل ليس ذات الفعل، بل هو الفعل المأخوذ في موضوع الحكم بقرينة تعلق الرفع التشريعي به.
وعليه، فلا يراد بالموصول هو شرب المائع بما هو شرب مائع، لأنه كذلك ليس مأخوذا في موضوع الحكم، وانما الذي يراد به هو شرب الخمر بما هو كذلك لأنه مأخوذ كذلك في موضوع الحكم.
ومثل ذلك يتصور تعلق الجهل به بنفسه، لأنه يكون مجهول الوجود، ولا يخرج الجهل بذلك عن الجهل التصديقي، فيقال: " شرب الخمر مجهول الوجود فيرفع تشريعا ". إذن فلا ملزم لحمل الجهل ههنا على الجهل بعنوانه كي يعم المراد إلى العنوان الذاتي والعرضي المجهول. فتدبر (1).