بالاحكام يشتمل على مفسدة غالبة على ما يفوته من المصلحة أو يقع فيه من المفسدة، فالتعبد بالامارة يوجب صرفه عن تحصيل العلم المستلزم لذلك، فتكون جهة حسنة أقوى من مفسدة التفويت أو الالقاء.
هذا على الطريقية المحضة.
واما على الموضوعية والسببية، فلا تفوت المصلحة، لكن الشأن في الالتزام بالمصلحة بنحو لا يستلزم التصويب. وتحقيقه: ان الواجب الواقعي لو كان هو الظهر وقامت الامارة على وجوب الجمعة، فكل من الصلاتين مشتمل على مصلحة، وهما اما متغايرتان أو متضادتان أو متسانختان. فان كانتا متغايرتين فقد يتخيل وقوع التزاحم بينهما - بعد الفراغ عن كون الواجب أحدهما وامتناع وجوب كلتا الصلاتين -. ودعوى أن الغالب هو وجوب الجمعة لقيام الدليل عليه فيستلزم انتفاء الواقع وهو التصويب. لكن يندفع بان التزاحم بين المقتضيين انما يكون إذا كان بين مقتضاهما تناف، ولا تنافي بينهما، إذ الوجوب الواقعي للظهر لا ينافي الوجوب الظاهري للجمعة كما تقدم تقريبه (1).
وعليه، فكل من الحكمين ثابت. هذا ملخص ما أفاده (2)، وقد أطال (قدس سره) في بيان ذلك وبيان الشقوق الأخرى ولا يهمنا التعرض لجميع كلامه، لوضوح الحال بهذا المقدار.
وعلى كل فكلامه لا يخلو عن اشكال بكلا جهتيه:
اما ما ذكره بناء على السببية من عدم تزاحم المصلحتين لعدم تزاحم مقتضاهما. ففيه:
أولا: انه يختص بما إذا تعدد متعلق الحكم الواقعي والظاهري. اما إذا