وعلى الثاني: فاما أن يكون التعبد بالامارة بلحاظ مجرد كاشفيتها وطريقيتها، أو يكون بلحاظ ثبوت مصلحة بسبب قيامها.
فعلى الأول: فتارة يعلم الشارع بدوام موافقة الامارة للواقع وإن لم يعلم المكلف بها. وأخرى: يعلم الشارع بأنها غالبة المطابقة للواقع. وثالثة: يعلم بأنها أغلب مطابقة من الطرق العلمية التي يسلكها المكلف. وقبح التعبد بالامارة انما يتم في الفرض الثاني دون الأول والثالث، إذ لا يلزم على الأول أي تفويت، ولا يلزم على الثالث تفويت من جهة الامارة بحيث لولاها لم يفته شئ.
وعلى الثاني: - أعني حدوث مصلحة بقيام الامارة - فلا قبح في التعبد إذا كانت هذه المصلحة مما يتدارك بها مصلحة الواقع، إذ لا يلزم من التعبد تفويت للمصلحة بعد التدارك، وتكون هذه المصلحة بمقدار ما يفوت من الواقع من مصلحة.
يبقى اشكال استلزام ثبوت المصلحة على طبق الحكم الظاهري للتصويب. وقد تخلص عنه بالالتزام بان المصلحة انما هي في نفس سلوك الامارة لا في متعلق الحكم نفسه كي يحصل الكسر والانكسار.
هذا ملخص ما أفاده الشيخ (رحمه الله) مما يتعلق بالمقام ويهم ذكره (1).
وقد تابعه فيما ذكره المحقق النائيني (قدس سره)، الا انه اختلف عنه بان النوبة لا تصل إلى الالتزام بالمصلحة السلوكية، لان المقصود من انفتاح باب العلم ليس انفتاحه الفعلي، بل التمكن من تحصيل العلم بسؤال الإمام (ع) - مثلا -، لكن المكلف لا يتصدى إلى ذلك عادة، بل يعتمد على الطرق العلمية القابلة للخطأ، وبما أن الطرق العلمية ليست بأقل خطا من الطرق الظنية فلا يلزم التفويت من التعبد بالامارة لأنها فائتة على كل حال. هذا أولا.