وهذا الكلام الراجع إلى انكار التضاد من حيث المقتضى، يمكن تشكيل وجه مستقل للجمع بين الحكم الظاهري والواقعي كما ذهب إليه بعض، وسيأتي الكلام فيه أن شاء الله تعالى.
أقول: المهم في جهة الاشكال هو ما ذكره أولا من أن فقدان بعض شرائط الفعلية يوجب كون الحكم انشائيا، ولا يكون فعليا.
ويندفع هذا الاشكال: انه ليس المهم بنظر الكفاية هو تسمية الحكم الواقعي فعليا وعدم تسميته انشائيا، إذ لا اثر للتسمية في واقع المطلب، وانما المهم هو التزامه بان الحكم الواقعي بنحو يكون العلم به أو قيام الامارة عليه منجزا له، سواء سمي الحكم الواقعي انشائيا أم فعليا، في قبال الالتزام بأنه انشائي صرف بحيث لا يكون العلم به منجزا - كما ينسب إلى الشيخ -.
ولا يخفى ان ما ذكره المحقق الأصفهاني لا ينفي واقع هذا الامر، وانما ينفي صحة تسمية الحكم الواقعي بالفعلي، فلو وافقناه في أنه حكم انشائي لم يختل الجمع بهذا الوجه ولم ينتف ما رتبه صاحب الكفاية عليه من أن عدم الاذن على الخلاف يحقق فعليته المستلزمة للبعث والزجر، إذ لا مانع أن يكون الحكم الواقعي انشائيا ولكنه بهذه الصفة.
وبعبارة أخرى: ان تسمية ما سماه صاحب الكفاية بالفعلي من جهة بالانشائي لا يوجب وقوع صاحب الكفاية فيما فر منه من الالتزام بان الواقع انشائي صرف لا يتنجز بالعلم، وهذه الدعوى هي مهمة صاحب الكفاية فان مهمته واقعية لا لفظية.
ولم يتعرض المحقق العراقي لهذا الوجه أصلا، وانما تعرض للوجهين الأولين وناقشهما بما هو خارج عن محل الكلام، من اشكال التضاد، وهو لزوم نقض الغرض وتفويت المصلحة الذي سيأتي الكلام فيه على حده ان شاء الله