وثانيا: التزامه بعدم وجود حكم انشائي، وهذا مما عرفت الاشكال فيه سابقا، وقد أشبعنا الكلام في اثبات حكم انشائي غير الانشاء والفعلية فراجع (1).
واما الوجه الثالث من وجوه الجمع في الكفاية: فقد استشكل فيه المحقق الأصفهاني (قدس سره) بأنه...
ان أريد من كون الحكم الواقعي فعليا من جهة وليس تام الفعلية انه فاقد لبعض شرائط الفعلية، فهو على هذا حكم انشائي لا فعلي.
وان أريد انه واجد لمرتبة من الفعلية دون أخرى - بالبناء على أن الفعلية ذات مراتب -، فشدة المرتبة وضعفها لا يوجب رفع التضاد أو التماثل، فالبياض بمرتبته الضعيفة لا يجتمع مع السواد بأي مرتبة منه.
وان أريد انه حكم بداعي إظهار الشوق لا بداعي البعث والتحريك، فهو فعلي من قبل هذه المقدمة.
ففيه: ان الشوق إذا بلغ حدا تتحقق به الإرادة التشريعية كان منافيا لإرادة أخرى على خلافها، وإن لم يبلغ هذا الحد لم يكن العلم به موجبا للامتثال لعدم تعلق الإرادة بالعمل.
ثم ذكر (قدس سره) انه ان أراد ما ذكرناه من كون الحكم فعليا، بمعنى انه فعلي من قبل المولى، وهو الانشاء بداعي جعل الداعي، حيث إن هذا هو تمام ما بيد المولى تم ما ذكره، ومثل هذا الحكم لا يكون قابلا للداعوية الا بعد الوصول، وعليه فلا منافاة بينه وبين الحكم الظاهري الفعلي الواصل، إذ لا دعوة للحكم الواقعي مع الجهل به (2).
ومن كلام صاحب الكفاية الراجع إلى انكار التضاد من حيث المبادئ،