حيث إنه ليس جعلا للداعي فلا تماثل ولا تضاد بينه وبين الحكم الواقعي، فلا بد ان يريد به المعنى الأول (1).
والتحقيق: ان اشكاله (قدس سره) من الناحية الأولى انما يتم لو كان المراد بالاستتباع الاستتباع في مقام الثبوت، اما لو أريد بالاستتباع الاستتباع في مقام الاثبات، بمعنى ان الدليل وان دل على جعل الحجية لكنه يراد به الدلالة على جعل الحكم الظاهري رأسا، فلا اشكال إذ لا تعدد للمجعول، وحينئذ فالاختلاف بين الترديدين المذكورين في هذا الوجه يرجع إلى أن المقصود بالأول هو ان واقع جعل الحجية اثباتا جعل الحكم، وبالثاني هو ان واقع جعل الحجية ثبوتا هو جعل الحكم. فالتفت.
واما اشكاله من الناحية الثانية فمردود بأنه: لا ظهور لكلام صاحب الكفاية في إرادة الطريقية بالمعنى الأول، بل لم يتبادر إلى الذهن الا الثاني منهما.
ولو سلم ذلك فكلامه لا يأبى الحمل على المعنى الثاني للطريقية تخلصا عن ايراد عدم معقولية المعنى الأول، واما استشهاده بما عرفت فمنشؤه قول الكفاية: " وانما لزم انشاء حكم واقعي حقيقي بعثا أو زجرا وانشاء حكم آخر طريقي، ولا مضادة بين الانشائين فيما إذا اختلفا... " (2) ولكنه غير صريح في المطلوب، فمن الممكن ان يراد به المعنى الثاني ويكون نظره في نفي التضاد إلى بيان اختلاف متعلق الإرادة والكراهة كما عرفت فتدبر.
ثم إن المحقق النائيني (رحمه الله) نسب إلى صاحب الكفاية - استنادا إلى تعليقته على الرسائل - التزامه في مقام الجمع، بان الأحكام الواقعية انشائية وانه عبر عنها في بعض عباراته بأنها شأنية.